IMLebanon

أي قانون لأي اعلام؟

 

في المؤشرات الاقتصادية تنقصنا درجة واحدة ربما كي “نبطح” فنزويلا في صناعة التدهور والافلاس والسلطة الفاسدة التافهة والتحالفات الدولية المودية الى الفقر والخراب.

 

وفي اليوم العالمي للصحافة الذي حلَّ امس نحن في المرتبة 102 أي افضل بأشواط ممن هم أسوأ منا، فخلفنا دول لا تعترف الا بصحافة القائد والزعيم والنظام. وحدها تونس، بين العرب، جاءت في المرتبة 72، في حين كان للنروج شرف الطليعة في احترام حريات الصحافة والصحافيين.

 

رغم ذلك، حظنا الاعلامي ليس سيئاً بالمطلق. فالصحافة اللبنانية بـ”عجرها وبجرها” حاضرة بفعالية في المشهد السياسي والخطوط الأمامية للرأي العام المكافح للتغيير. وهي حصيلة نضال طويل وتضحيات نحتفل بها بعد غد الأربعاء في عيد شهداء 6 أيار 1916، وجلهم من الصحافيين. وفي المناسبة نستذكر باعتزاز جبران تويني وسمير قصير اللذين اغتالتهما يد الإجرام، ونذكّر السلطة بأن شهادتهما لن تزيد الصحافة اللبنانية الحرة الا اصراراً على ممارسة الحرية التي كفلها الدستور، وأن اي قانون مقترح للاعلام يجب ان يحمي الرأي الحر وصحافة الحرية والناس ولا يستوحي نصوصه من صحافة البلاط والطبَّال.

 

ولوزيرة الإعلام التي لا تتوقف عن الإشادة بالحريات وبمساعي وزارتها للحفاظ على دور رائد للصحافة المكتوبة والمرئية والالكترونية نقول: لا نريد تصريحات خشبية وعمومية، بل نصوصاً واضحة تكفل حرية التعبير ضمن الأصول المتعارف عليها في الدول الديموقراطية التي أتت في المراتب الأولى لاحترام الصحافة هذا العام وكل عام.

 

ونلفت معالي الوزيرة الى صدفة تزامنِ يوم الصحافة العالمي مع مرور 200 يوم على انطلاق انتفاضة “17 تشرين”. وهي – لعلم معاليها وحكومة حسان دياب – انتفاضة المواطَنة الحرة الرافضة كل انواع الفساد، وبينها القوانين الملتبسة والجائرة التي تدسُّ موادَّ جزائية تجيز السجن في قانون المطبوعات، وبينها أيضاً النقابات التابعة للسلطة وزينتُها “المجلس الوطني للاعلام” الطفل المدلل لزمن الوصاية والنظام الأمني.

 

في اليوم العالمي للحريات الصحافية نذكِّر وزيرة الاعلام ومجلس النواب بأن اي قانون للاعلام مهما كان حديثاً ومكتوباً بنوايا حسنة لن يجد طريقه الى التطبيق والاحترام الا اذا رفدته سلطة قضائية مستقلة ونيابات عامة تمثل الشعب وتدَّعي باسمه بدل ان تتحرك بتوجيهات السلطة وترتجف أمام سلطان جائر أو طرف سياسي متسلّط او رجل أعمال فاسد ونافذ.

 

منذ تأسيسه قبل مئة عام، لا قصة للبنان، سياسةً ومجتمعاً، منفصلة عن قصة الصحافة الحرّة فيه. وتشاء الأقدار ان تبقى معركتها مفتوحة مع اي سلطة تتجاوز الدستور وتفرط بمصالح الشعب او تبيع سيادته في سوق نخاسة الكراسي والمناصب. ولن يكون هناك قانون للإعلام أقوى من الحق الدستوري الأصلي وقيمة الحرية لأن “الزبد يذهب جفاءً…”.