IMLebanon

ثمن اللاحل العسكري  واللاحل السياسي

الحسابات الجيوسياسية في معركة حلب أبعد من الحسابات العسكرية على محاور القتال، وأكبر من الطابع الذي تعكسه هويات المنخرطين فيها. ولا أحد يعرف ما الذي يستقر عليه المشهد في عمليات الكرّ والفرّ، وما ان كان سيستقر على ستاتيكو أو يبقى متحركاً. ولا شيء يوحي، وسط الأخذ والرد حول متغيرات في المواقف الاقليمية والدولية، ان هناك تغييراً في القاعدة الثابتة، وهي ان ما يدور على المتاريس يدار من الكواليس.

لكن الكل يعرف، وان لم يعترف كثيرون، ان معركة حلب تعيد التذكير بأمرين مهمّين من بين أمور عدة بدت من الثوابت في حرب سوريا منذ أكثر من خمس سنوات. الأمر الأول هو طغيان الاهتمامات المسماة استراتيجية على الهموم الانسانية للمدنيين ومصيرهم وحياتهم ونسيجهم الاجتماعي الوطني، سواء منهم الذين صاروا محاصرين في عدد من المناطق والذين صاروا نازحين في الداخل والخارج والذين بقوا في أماكن اقامتهم.

وليس أمراً قليل الدلالات ان تعلن وزارة الدفاع الروسية، لا السورية، هدنة الساعات الثلاث في حلب يومياً لادخال المؤن الى المدنيين، بصرف النظر عن التقيّد أو عدمه بالهدنة وعن مطالبة الأمم المتحدة بأن تكون الهدنة ليومين من أجل ادخال المؤن بشكل كافٍ.

والأمر الثاني هو ان الكلام على الحل السياسي كان ولا يزال غطاء للعمل على الحل العسكري. فلا بيان جنيف – ١ الذي نص على انشاء هيئة حكم انتقالي كان قابلاً للتنفيذ أو كان معدّاً للتنفيذ. وهذا ما قاد الى استقالة الموفد الدولي كوفي أنان، ثم فشل الأخضر الابراهيمي واستقالته، وفشل ستيفان دي ميستورا من دون ان يقدم استقالته. ولا الخلاف بين أميركا وروسيا كان على موضوع وحيد هو مستقبل الرئيس بشار الأسد.

ولم يكن الفشل في الحل العسكري أقل من الفشل في الحل السياسي حتى بعدما انخرطت موسكو مباشرة في الحرب الى جانب النظام وحليفه الايراني وحزب الله وبقية التنظيمات الموالية لطهران، وبعدما ظهر داعش وأقام دولة الخلافة، وتولت تركيا والسعودية وقطر دعم عشرات التنظيمات السلفية بالمال والسلاح. ولم تتغير معادلة العجز عن الحسم العسكري بعدما جرى اختصار الحرب بمكافحة الارهاب ونشوء ثلاثة تحالفات اقليمية ودولية للقضاء على داعش. ولا كان ما قاله المسؤولان اللذان استقالا من الادارة الأميركية روبرت فورد وفريدريك هوف من ان رفض الرئيس باراك أوباما دعم بيان جنيف بضغط عسكري أميركي هو العامل الوحيد وراء الفشل المدوي لجهود التسوية السياسية في جنيف.

والسؤال هو: الى متى تدفع سوريا ثمن اللاحل العسكري واللاحل السياسي؟