IMLebanon

ثمن الاستحقاق الرئاسي  واستعادة الدور المصري

مصر تحاول، بعد فرنسا، استعادة دور ضائع بالاستعداد لمساعدة لبنان على الخروج من مأزق الشغور الرئاسي. ولا يبدّل في الأمر كون الوقائع معاكسة لأن يتوقع أحد نجاح القاهرة، من حيث فشلت باريس، ولم تتحمّس للعمل واشنطن وموسكو، وسط احتدام الصراع بين الرياض وطهران. فمن الثوابت، منذ الفراعنة حتى اليوم، ارتباط دور مصر الجيوبوليتيكي وأمنها القومي بالاستقرار في بلاد الشام وبشكل خاص بالعلاقات الجيّدة مع لبنان وسوريا. ومن المتغيرات هبوب رياح التطرّف والصراعات المذهبية على حساب العروبة والدور العربي لمصر، واصابة لبنان بأضرار جسيمة عندما ضعف الدور المصري بعد كامب ديفيد. ولو بقي دور مصر القيادي العربي لما تعرّض لبنان لكل المخاطر والبلاوي التي ضربته خلال الحرب وبعدها.

والاستحقاق الرئاسي ليس بالطبع البند الوحيد على أجندة الزيارة المرحّب بها لوزير الخارجية المصري سامح شكري الى بيروت. ففي العلاقات اللبنانية – المصرية شؤون عدة تحتاج الى اهتمام ومتابعة ومراجعة. ومصر هي الشقيقة الكبرى التي يشعر اللبنانيون جميعاً بالودّ نحوها، ويعرفون من التجارب انها للجميع بالفعل، لا لطرف ضد آخر كحال دول عدة. لا بل ان التراث الثقافي، قبل السياسي، هو من أسس العلاقات بين بيروت والقاهرة.

وليس لدى مصر أوهام حول ما يمكن العمل له في اطار الاستحقاق الرئاسي، بصرف النظر عن أوهام فريق من اللبنانيين وتصور فريق آخر ان لعبة الرئاسة مغلقة لأن لعبة الجمهورية مفتوحة. فالوزير شكري يعرف ان قصة الرئاسة بالغة التعقيد محلياً واقليمياً ودولياً وتحتاج الى تفاهمات داخلية وخارجية. وهو يستعد للعمل على تيسير التفاهمات ضمن حدود الممكن الذي هو التيسير لا التقرير ولا التدبير.

لكن السؤال الكبير هو: هل استعادت مصر دورها القيادي وما هو ثمن استعادة الدور؟ والجواب الذي سمعناه من الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل خلال آخر زيارة الى بيروت قبل رحيله هو: لا مصر اليوم هي مصر أيام جمال عبدالناصر، ولا العالم العربي هو اليوم ما كان عليه. وأقل ما في نظرة المشهد هو الحروب في سوريا والعراق واليمن وليبيا، والفراغ الخطير في لبنان، والظروف التي سمحت بظهور داعش وقيام دولة الخلافة الداعشية، وتصاعد أدوار القوى الاقليمية الثلاث وهي تركيا وايران واسرائيل، على حساب الدور العربي.

وأبسط ما تحتاج اليه مصر لتلعب دورها القيادي هو ان تكون قوية سياسيا واقتصاديا. وليس هذا هو الوضع الحالي، حيث يدور السجال على موت السياسة وضعف الاقتصاد في دولة أمنية أسقطت الدولة الدينية وترددت في بناء الدولة المدنية.