آخر اقتراحات حلّ الأزمة الناتجة من المطالبة بإحالة حادثة الجبل على المجلس العدلي، إقتراح قدِّم الى الرئيس سعد الحريري بتشكيل لجنة ثلاثية من فرع المعلومات وأمن الدولة ومديرية المخابرات للتحقيق في الحادثة، وقد رفض الرئيس الحريري الاقتراح لأنه يعني أنّ الدولة أصبحت «لويا جيرغا» أمنية، ولأنه يعني التشكيك بجهاز أمني كبير في الدولة.
وفقاً للمعلومات الاخيرة عن الأزمة المستمرة، التي ستغيّب مجلس الوزراء الى مدة غير معروفة، إنّ الرئيس الحريري التزم موقف النائب وليد جنبلاط، خصوصاً بعد الحملة التي تعرّض لها من قبل الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، التي فُسّرت على انها تجاوز لكل الحدود والأزمات الآنية، فقد تخطى هذا الهجوم أزمة الإحالة على المجلس العدلي وأزمة عدم اجتماع الحكومة، ليسلط الاتجاه على مسار تصعيدي عنوانه، تطويق وليد جنبلاط وربما اكثر، وهو ما يرفضه الحريري كما ترفضه «القوات اللبنانية» التي تعتبر أنّ ما يحصل مع جنبلاط هو استهداف واستفراد سيؤدي حكماً إن نجح الى الانتقال الى استهداف الدكتور سمير جعجع، ثم الانقضاض على الرئيس سعد الحريري، وتتصرّف القوات في هذه الأزمة من زاوية التضامن الكامل مع جنبلاط داخل الحكومة وخارجها، حمايةً للعلاقة الثنائية ولمصالحة الجبل.
تسأل مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي عن مغزى هذا الهجوم، وعن الإصرار على استهداف جنبلاط وتقول: ماذا يريدون؟ تروي المصادر أنّ جنبلاط فور علمه بحادثة البساتين، كان في الكويت، فاتصل من الطائرة بقائد الجيش العماد جوزيف عون، وقال له: لا حماية لأحد والجيش يمكن أن يوقف أيَّ مشتبه به، ومَن يراجعك أوقفه أيضاً»، وقد حمل العماد عون هذا الموقف الى اجتماع مجلس الأمن المركزي.
تضيف المصادر: سلّم جنبلاط المطلوبين، وانتظرنا أن يسلّم الأطراف الآخرون مَن شاركوا في الاشتباك، لكن ردّ النائب طلال ارسلان على طلب اللواء عباس ابراهيم كان بأنه يسلم المطلوبين من عنده، لكن كشهود ومع ضمانة بأن يطلق سراحهم فوراً بعد الإدلاء بإفادتهم.
وتشير المصادر الى أنّ لقاء جنبلاط الحريري كان ممتازاً وتم الاتّفاق على عناوين المرحلة، وسيقوم الحريري بسلسلة اتصالات مع القوى السياسية، ومن ضمنها «حزب الله»، لمحاولة إيجاد ثغرة في الجدار المقفل، واضافت أنّ تعطيل اجتماع الحكومة موجّهٌ ضد الرئيس الحريري، وأنّ سحب ملف التحقيق من فرع المعلومات موجّه ضده ايضاً، وهو ما يرفضه، لأنه يعني نقل الخلاف من خلاف بين طرفين سياسيَّين الى علاقة تشكيكية بين الأجهزة الأمنية وبالأجهزة الأمنية، وهذا خطير.
في المقابل تصرّ مصادر التيار الوطني الحر على أنّ الرئيس عون يعتبر ما جرى استهدافاً للوزير جبران باسيل، وتكشف أنّ باسيل حوصر بالفعل في دير الأنطونيين في قبرشمون حتى الساعة الثامنة، وأنّ جنوداً من مغاوير الجيش والحرس الجمهوري هم مَن تولّوا إخراجَه من المنطقة. وتشير المصادر الى أنّ عون يحتكم فقط الى التحقيق والى تسليم المطلوبين كافة، وأنه لا يعترض على تولّي فرع المعلومات التحقيق، لكن في المقابل لن يتمّ الاحتكام الى أيّ تسريب عن التحقيق، بل الى ما يقوله المدعي العام العسكري فور انتهاء التحقيق وإحالته الى المحكمة العسكرية.
وتعتبر المصادر أنّ الاشتراكي والآخرين يتعاملون مع الملف كملف سياسي، في حين يقول الاشتراكي إنه يطالب بالتحقيق متجاوزاً أيَّ اعتبار سياسي، و»لو كنا نريد تسييسَ التحقيق لكشفنا بعضاً ممّا لدينا»، فالمعلومات تتحدث عن كمائن، ولمَن لا يعرف فإنّ مصادر المعلومات متنوعة، وهناك طائرة درون عسكرية كانت تحلّق في أجواء المنطقة ورصدت ما يكفي لتوضيح صورة ما حصل.