Site icon IMLebanon

أولويات السياسيين: نشرات الأخبار وبرامج الـ “توك شو”

 

بين من يفتح التلفزيون ومن لا يُخصّص له دقيقة واحدة

قبل الثورة، أو الحراك، كان السياسيون يعودون إلى منازلهم وفللهم، يفكّون ربطات أعناقهم، يتحرّرون من الرسميات، ويجلسون إلى الشاشات يتابعون نشرات الاخبار والبرامج السياسية في الدرجة الأولى، يشبعون فضولهم في متابعة الخصوم إن لم يكونوا كما وزير الخارجية جبران باسيل من نجوم الشاشات، في البرامج الجادة والترفيهية على حد سواء. بعيداً من ساعات البث المباشر ماذا كانوا يشاهدون؟

إنهم نواب الأمة المنشغلون في أمور كثيرة تبدأ بسعر صرف الدولار ولا تنتهي مع إحتمالات الحرب، منهم من يُركّز على نشرات الاخبار، فيما البعض الآخر تجذبه برامج الـ “توك شو” والتحليلات السياسية، ومنهم من يحرص على مشاهدتها في حال توافرت فيها شروط معينة، ومنهم من لم يعد يشاهد التلفاز إلا لماماً، ومنهم من بات يفضل “الوثائقي” على نشرات الأخبار والبرامج السياسية.

 

وبين هذه المروحة من الخيارات ومن خيارات أخرى، تمر الأيام من دون أن يتسنى لبعض نواب الأمة مشاهدة ولو مشهد واحد على التلفاز، في حين أن غيره لديه بعض الوقت لكنه يبشّر بزوال التلفاز بعد فترة عشر سنوات كحدٍ أقصى. ومن هنا كان سؤال ” نداء الوطن ” لعددٍ من النواب من مختلف الكتل السياسية: أيها السياسيون ماذا تشاهدون على التلفزيون، وماذا تتابعون، نشرات الاخبار والبرامج السياسية ام برامج الـ talk show، الرياضة، المسلسلات المحلية او العربية او “المدبلجة”، أم الافلام الاجنبية ؟ وهل تشاهد نفسك في مقابلة أجريت معك أو في تصريح إعلامي أدليت به؟

 

رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم لا وقت مخصصاً لديه للتلفاز أبداً، ويؤكد النائب نجم “لا أتابع شيئاً، أعود إلى المنزل عند الواحدة صباحاً في حالة يرثى لها، فإمّا أن أكون قد مثّلت رئيس الحكومة (السابق) سعد الحريري في مناسبةٍ ما، أو أكون قد شاركتُ في حدثٍ أو في حفلٍ أو لقاءٍ ما. أقلب بين المحطات من باب التنويع.

 

وعلى عكس نجم تشكل قناة الـ NBN وخصوصا بنشراتها الإخبارية القناة المفضلة لدى النائب محمد نصر الله عضو كتلة “التنمية والتحرير”، من دون إهمالِ متابعة نشرات الأخبار المسائية على القنوات المحلية كافّة، ولو أحياناً، وفي ذلك يشرح “معروف في لبنان أن كل قناة تتلون بلونٍ سياسيٍ معين، وأنا أحبُ التنوع، وهذا بالطبع أكثر ما يظهر في مقدمات هذه النشرات، وما تتضمنه من تحليلات، وبمعنى آخر تقف الخصوصية السياسية لكل قناة وراء تقديم نشرة الاخبار بطريقتها الخاصة”.

 

ويبدو أنّ لائحة نصر الله التلفزيونية لا تتوقف هنا، بدليل الجاذبية التي تتمتع بها بعض برامج الـ talk show السياسية، وذلك بحسب الموضوع المطروح والضيوف، مستدركاً أن متابعتهُ لها ليست منتظمة وتكاد تكون عشوائية.

 

أما المسلسلات اللبنانية والعربية والتركية “المدبلجة” والافلام الاجنبية فلا تعني له شيئاً، فيما حُبه للرياضة يَنحصر في مشاهدة جزئية للمباريات التي تهمّه ولا سيما المصيرية في لعبتي كرة القدم وكرة السلة وأحياناً يكتفي فقط بمشاهدة الأهداف لاحقاً، “بالطبع أشاهد أي مقابلةٍ تلفزيونية أو تصريح صحافي أدليت به وبالكامل” يجيبُ نصر الله.

 

الضيوف هم المعيار

 

مستنداً إلى مبدأ التساوي في مشاهدة نشرات الأخبار، ينجح النائب طارق بن طلال المرعبي (كتلة المستقبل) في مواكبة نشرات الأخبار المسائية، مبدأٌ إعتمده بعد الصعوبات التي واجهها في التوفيق بين مشاهدة نشرات الأخبار المسائية كاملة، “مُعظمها يبث بين السابعة والنصف والثامنة إلا خمس دقائق مساءً، مع التوقف عند ما يُعجبني فيها، وعموماً فإن الوضع السياسي يعني لي الكثير” يقول المرعبي.

 

ويكشفُ النائب الشاب عن أهم برنامج “توك شو” سياسي يروق له “بالطبع صار الوقت” مع مارسيل غانم، لافتاً إلى أن القنوات المحلية تجذبهُ أكثر من القنوات الفضائية العربية والأجنبية بدليل متابعتهِ المتقطعة لبرامج الـ “توك شو”، فمثلاً وبغض النظر عن المنافسة القائمة بين برنامجي عادل كرم وهشام حداد اللذين يعرضان على قناتي الـ “LBCI” والـ “MTV”، ترتبط مشاهدته لهما بالضيوف، موضحاً “يهمُّني أن أسمع ماذا يقولان وماذا في جعبتهما من “هضمنة” وهذا ينسحب أيضاً على برنامج “منا وجر” لـ”بيار رباط”.

 

وتتجلّى اللامبالاة عند المرعبي حيال المسلسلات المحلية العربية والمدبلجة كلياً، وفي الرياضة هو من مشجعي فريق برشلونة والمنتخب اللبناني في كرة القدم، ويتابع المباريات بمعدلِ مرة واحدة شهرياً وذلك قبل الإطاحة بالحكومة.

 

من جهةٍ ثانية يشاهد المرعبي نفسه أحياناً وبشكل جزئي في مقابلة أجرتها معه محطة معينة “أعرفُ نفسي وأدركُ تماماً ماذا تكلمت، وفي حال كان هناك إنتقادٌ بناء لشيء قلته في المقابلة، عندها أنتظرُ عرضها ثانيةً في اليوم نفسه، كي أتأكد من صحةِ هذا الإنتقاد”.

 

برامج الـ”توك شو” ممجوجة ومملّة

 

عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب أمين شري يقول “نحن ما شاء الله علينا، هل لدينا وقت لنشاهد التلفاز؟ لكن بالتأكيد لست آتياً من العصر الحجري كي تكون علاقتي مع التلفزيون معدومة”، بهذه العبارات يُعلق النائب شري على علاقته اليومية بالتلفاز، مشدداً على أن برامج الـ”توك شو” عندنا أصبحت “كل سنة وأنت بخير”، لا بل أكثر”ممجوجة” ومُملة وتُكرر نفسها من دون أن تقدمَ للمشاهد أي شيءٍ جديد.

 

أما نشراتُ الأخبار فبرأيه “بتحتار شو تختار” نظراً لكثرتها وتزامنها مع بعضها، ويُضيف “في كل الأحوال يصلني ملخص لأهم الاخبار المحلية لا سيما السياسية منها صباح كل يوم على هاتفي الذكي من مركز البحوث في حزب الله”، علماً أنني مع عدد من الزملاء النواب الذين لا يُحبذون الـ”واتس آب”.

 

وفي حال كان هناك حدث إقليمي أو عالمي هام، عندها يفتش شري عبر عدة فضائيات لمعرفة تفاصيل أكثر والخروج بخلاصة عن الحدث، غير مكترثٍ في حال لم يسنح له وقته لمشاهدة مقدمات نشرات الاخبار المسائية، لأنه يعود لقراءتها عبر المواقع الالكترونية الاخبارية أو الوكالة الوطنية بعد التاسعة مساءً.

 

ويميط شري اللثام عن سرٍ يتعلق ببرامج الـ”توك شو”: ” إتخذت قراراً منذ عدة سنوات بعدم مشاهدة أي منها على القنوات المحلية بغض النظر عن ضيوفها”، مؤكداً “لا أحبُّ مشاهدة نفسي في مقابلةٍ أجرتها معي قناة محلية، وذلك كي أساوي نفسي مع الآخرين ممن لا أُشاهدهم”.

 

 

مع السياسيين إقرأ تفرح، جرّب تحزن

 

تُشكل نشرة الأخبار المسائية على قناة MTV النشرة المفضلة عند النائب “القواتي” عماد واكيم، ومعها الـ “توك شو” السياسي الذي تعرضه “صار الوقت” لمارسيل غانم ويشرح: “أحياناً اشاهده بكامله، واحياناً جزءٌ منه بحسب ما يسمح وقتي، أمّا بقية البرامج السياسية فمتابعتي لها مرتبطة بطبيعة الموضوع المطروح وأهميته والضيوف فيها”.

 

وكغيره يضطّر واكيم لقراءة مقدمات نشرات الاخبار المسائية لاحقاً، بسبب ضيق الوقت الفاصل بين النشرات المسائية، ويروي قصة طريفة: “ذات يوم ومن كثرة متابعتي الاخبار السياسية وقيامي بعدة نشاطات سياسية، إستغربت تصريحاً نارياً ظننته لوزير العمل في حكومة تصريف الأعمال كميل ابو سليمان حيال ملفٍ معين، ليتبينَ أنّه صادر عن الوزير السابق أشرف ريفي.

 

وفي كواليس وخفايا العلاقة بين أهل السياسة والإعلام يقول: “لا أتأثر بتصريحاتيهم لأنني أعرفهم جيداً وعلى تماس معهم بشكلٍ شبه يومي، وللأسف فإن المبدأ القائل “إقرأ تفرح جرب تحزن” ينطبقُ على قسمٍ كبيرٍ من السياسيين، ولست بحاجة لمشاهدة نشرات الأخبار أو البرامج السياسية لأصدق ما يقولون”.

 

ولا يتسنى للنائب القواتي مشاهدة مباريات المنتخب اللبناني لكرة القدم، أو مباريات فريقه المفضل الحكمة في كرة السلة أو ملخص عنها، إلا عندما يكون ممددا على فراشه في نهاية السهرة، فيما يحرص على مشاهدة مقابلة تلفزيونية أجريت معه وبكاملها ومن باب التقييم الذاتي.

 

الوثائقيات أولاً

 

عضو التكتل الوطني النائب ووزير الدفاع السابق فايز غصن بخلاف بقية زملائه يحتلُ “الوثائقي”عنده سُلم الاولويات التلفزيونية، ونشرات الاخبار تحل في الدرجة الثانية في حال كانت هناك احداث محليةً مهمة أو عربية أو دولية، كي يبقى في الاجواء، منسجماً مع زميله النائب شري في موقفه حيال برامج الـ “توك شو” “حتى تلك التي تجذبُ نسبة مشاهدة كبيرة، لا تعني لي شيئاً، لأنها أصبحت تكرر نفسها ولا تُقدم أي جديد”.

 

هذه اللامبالاة الإعلامية تنسحبُ لديه أيضاً على كرة القدم وكرة السلة، مروراً بالمسلسلات المحلية والسورية والتركية “المدبلجة”، وصولاً الى درجة الندرة في مشاهدة الافلام الاجنبية على قنوات الأفلام الفضائية الاجنبية، ليجيب “بالطبع أُشاهد نفسي في مقابلةٍ أو تصريحٍ أدليت به من باب التأكد مما قلت”.لمعرفة أفكار

 

الحلفاء والخصوم

 

بدوره وعلى غرار معظم زملائه يشاهد النائب الدكتور ماريو عون ( عضو كتلة “لبنان القوي”) برامج الـ ” توك شو” السياسية ونشرات الأخبار، وبرامج الصباح على عدة قنوات من بينها OTV ” و NTV”، موضحاً ” ذلك متعلق بالشخصيات المشاركة فيها والتي يروقني الإستماع إليها،(وفي المقدمة رئيس التيار الوطني الحر) وبشكلٍ عام لا وقت لي لمشاهدة التلفاز بسبب نشاطاتي السياسية والإجتماعية، وأنا لا أجد على قنواتنا المحلية إلا السياسة والأفلام”.

 

ومن ضمن أبرز الشخصيات التي يستهويه مشاهدتها “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أتابع تصريحاته أو كلمته حتى النهاية، لأنني أود أن أتعلم منه، أما تصريحات وكلمات رئيس الحكومة والمجلس النيابي فبالطبع أشاهدها لكن ليس بشغف، بل لمعرفة موقفهما حيال مواضيع سياسية معينة، كما وتستهويني تصريحات رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، نظراً لإدراكه ومعرفته العميقة بالشأن السياسي، كذلك تصريحات رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان الذي لديه منطق سياسي قوي، وسلس ومنطقي”.

 

ويعتمد عون سياسة معرفة أفكار الحلفاء والخصوم على شاشات التلفزة عندما يسمح وقته بذلك، بغية تكوين فكرة عن الوضع السياسي العام وعن تفكير الغير، من دون أن يغفل – من وقت لآخر – مشاهدة “البرامج الفنية” المحلية والأجنبية وتلك التي تركز على الطبيعة وعالم الحيوانات والبرامج العلمية.

 

واللافت أنه لم تسنح الفرصة له ولو مرة واحدة ليشاهد مقابلة أو تصريح أدلى به” وفي حال تمكنت من ذلك، فالأرجح أن أشاهد جزءاً منها لأنه “لا خلق لي” على مشاهدة نفسي طيلة فترة المقابلة، لأنني أعرف ماذا قلت، فما الداعي لمشاهدة نفسي؟

 

التلفزيون إلى اللقاء قريباً

 

ويبدو أن إنشغالات ونشاطات النائب بلال عبدالله ( عضو اللقاء الديموقراطي ) قد تسببت بتراجع علاقته كثيراً مع التلفاز بعد أن كانت مقبولة، “ما يلفتني ليس البرامج السياسية بل الموضوع والضيف فقط ومعظم هذه البرامج شاركت فيها سابقا، ووقتي لا يسمح لي بمشاهدة نشرات الأخبار ولا مقدماتها المسائية، وبات بإمكان الجميع قراءة هذه المقدمات على “الوكالة الوطنية”، وعلى معظم المواقع الالكترونية الإخبارية بعد التاسعة مساءً”.

 

ويرى عبد الله أن التلفاز لم يعد مهماً كما كان من قبل، وبعد 5 الى 10 سنوات لن يبقى هناك تلفزيون، “لأن الهواتف الذكية بحد ذاتها بدأت تتحول تدريجياً الى تلفزيون، بفضل كثافة التطبيقات عليها (بينها وسائل التواصل الاجتماعي والواتساب)، ما يدفعنا إلى القول إن التلفزيون سيندثر قريبا”، يشير عبد الله. وعلى الرغم من أن الرياضة لا تعني له شيئا، فإنه يساير أحياناً أولاده في مشاهدة الرياضة “وخصوصاً مع إبني المتحمس لنادي ليفربول، وفي حال أجرت احدى القنوات مقابلة معي، فإن اولادي يأخذونها من “اليوتيوب” لأشاهدها لاحقاً”.