IMLebanon

المشكلة في استراتيجية  الحرب على داعش

لا حدود لوحشية داعش حتى ضمن قواعد السلفية الجهادية التي اختصرها كتاب ادارة التوحش الموقع باسم أبي بكر ناجي. وليس بين الذين أعلنوا الحرب على الارهاب التكفيري، سواء داخل التحالف الذي تقوده أميركا أو خارجه، من يستطيع القول إنه فوجئ بأفعال داعش. لا بقطع رؤوس الصحافيين والعاملين في الاغاثة وأحدثهم اثنان من اليابان التي ليست صليبية ولا في تاريخها احتلال لأرض عربية أو اسلامية. ولا باحراق الطيار الأردني معاز الكساسبة حتى الموت في مشهد لا مثيل لفظاعته في الجاهلية التي تبدو مظلومة مقارنة بالتفسير المشوه للاسلام لدى تنظيم الدولة الاسلامية. فالدول والقوى التي ساهمت في اطلاق هذا الوحش وتركته يكبر كانت تعرف طبيعة ما سيفعله. والدول والقوى التي ساعدت سياساتها من الموقع المعاكس، في جذب فئات من مكون اجتماعي كبير في المنطقة نحو داعش، كانت تدرك ما سيمارسه، وكل طرف من هؤلاء أراد توظيف داعش في تحقيق هدف، كما تمكن النظيم الارهابي من توظيف سياسات هؤلاء في مصلحته.

ولا حدود للغضب الشعبي والرسمي في الأردن وفي كل مكان تقريباً. فالجريمة الشنيعة صدمت حتى من كان يتعاطف مع دولة الخلافة الداعشية، ودفعت كل فئات الشعب الأردني الى المطالبة بالرد. والكل يسأل الآن عن الرد المزلزل الذي وعدت وهددت به عمان: طبيعته، مداه، سقفه، وحدوده. لكن المسألة تتجاوز الردود السريعة، برغم ضرورتها، الى الرد الاستراتيجي. وهو رد مطلوب من التحالف الاقليمي والدولي للحرب على الارهاب وبشكل خاص من أميركا التي تقوده.

ذلك ان أميركا تبدو مكبّلة وتكبّل حلفاءها بقيادة مترددة واستراتيجية يصعب أن تنجح في تفكيك داعش ثم القضاء عليه خلال ثلاث سنوات حسب خطاب الرئيس باراك أوباما. فما حدث بالغارات الجوية وسواها منذ الصيف الماضي هو الحد من تمدّد داعش، لا إضعافه بشكل مؤثر. وما يحدث، اذا استمرت الوتيرة نفسها في المستقبل، هو مجرد احتواء داعش، لا القضاء عليه. والحاجة ماسّة وملحّة لتغيير استراتيجي يضمن القضاء على داعش خلال أشهر، وبالتالي انهاء حرب سوريا وحرب العراق ضمن عمليات سياسية تبدأ مسار التحوّل الديمقراطي بدل البقاء في ستاتيكو أزمات خانقة.

أما الحرب الطويلة، فانها حرب الأفكار التي تهزم التطرّف والتكفير في عقول الناس قبل قلوبها. وأما الأرض التي يقف عليها الربح العسكري، والفوز الفكري، فانها التنمية الاقتصادية والاستثمار في الانسان عبر التعليم العالي والتمكين للمرأة. وكل نصر يبقى حركة على سطح هزيمة عميقة وتاريخية، ان لم يتغيّر المجتمع بثورة ثقافية.