IMLebanon

مشكلة الخلاف التقني وأسئلة الحسابات السياسية

 

لا خلاف، حسب الخطاب السياسي للجميع، على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المؤجل ثلاث مرات. الخلاف هو على كيفية اجراء الانتخابات. وهذا ما يعيد انتاج المناخ الذي يبرر الشكوك. لا فقط بالقياس على السوابق بل أيضا بالنظر الى المماحكات التي لا تنتهي في اجتماعات متكررة تعقدها اللجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب. وهو قانون استغرق الاتفاق عليه ثماني سنوات من الجدل والنقاش. وقبل أن يجفّ حبره ارتفعت أصوات من الذين وافقوا عليه تطالب بتعديله، مع انه نقلة نوعية في جرأة التحوّل للمرة الأولى من النظام الأكثري الى النظام النسبي.

ولا يقلل من أهمية هذا الانجاز ادخال نوع محدّد من الصوت التفضيلي. ولا صعوبة ان يقود في الواقع اللبناني الى التطور الذي وصفه ألكسيس دوتوكفيل بالقول: الانتخابات هي ثورات دستورية، وكل جيل هو شعب جديد. ما يثير الأسئلة هو عجز اللجنة الوزارية عن الاتفاق على كيفية اجراء الانتخابات، مع ان سيف الوقت مصلت فوق رؤوس الجميع. ولا فرق سواء كان العجز جزءا من مماطلة مقصودة أو تعبيرا عن اختلاف الحسابات الانتخابية وتقدير كل طرف لحجم ربحه وخسارته. وما يدعو الى الحزن على حالنا هو أن الخلافات تدور على ما جرى وضعه في باب الاصلاحات في القانون: البطاقة الممغنطة ثم البطاقة البيومترية، وحرية التصويت خارج مكان القيد الانتخابي.

 

ذلك أن المسألة التقنية تبدو سياسية بامتياز، بصرف النظر عن الجدل حول التلزيم بالتراضي، أو بالمناقصة. وكثيرون يميلون الى تصديق الخطاب القائل ان تأجيل الانتخابات أحد عشر شهرا كان من أجل إعداد البطاقة الممغنطة التي تضمن النزاهة وتحول دون التزوير، ولم تكن البطاقة حجّة للتأجيل المتفق عليه. لكن السؤال هو: لماذا جرى التباطؤ في حسم الموضوع وبدء صنع البطاقات حتى مرّ الوقت ولم يعد انجازها ممكنا بحلول الموعد؟ ولماذا يستمر الجدل حول البطاقة البيومترية مع ان الوقت فات؟

ولا أحد ينكر ان حرية التصويت خارج مكان القيد تعفي المرشحين من نقل الناخبين من أماكن السكن الى الدوائر الانتخابية، كما تعفي الناخبين من المشقّة والحرج بالنسبة الى بعضهم، وتزيد في نسبة الممارسين لحق التصويت. لكن السؤال هو: لماذا يستمر الدوران في مأزق الخلاف على التسجيل المسبق أو عدم التسجيل، ما دمنا ذاهبين في النهاية الى التصويت ببطاقة الهوية، وربما في مكان القيد كالعادة؟

لا شيء يلغي الأسئلة سوى حسم الخلافات.