IMLebanon

مشكلة جهاز امن الدولة؟!

فيما اخذت الحملة على مدير جهاز امن الدولة اللواء جورج قرعة تصرف الاخير على اساس انه لم يعرف كيف يتعاطى مع السياسيين، فان ذاكرة البعض تستعيد ما كان عليه المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد، بالنسبة الى تعاطيه الفوقي مع السياسيين لانه كان يعرف كيف يكشر عن انيابه عندما تصل الامور الى حد انتقاده شخصيا، وهذا الامر ينطبق على جميع قادة الاجهزة الامنية، باستثناء اللواء قرعة الذي يوصف بانه «مهذب زيادة» وبعيد تماما عن رجال السلطة ما يجعله على «نقار» دائم مع هؤلاء اضافة الى خلافه الشخصي مع مساعده الذي بات على مشارف تقاعده!

يقال عن التباين السائد ازاء دور جهاز امن الدولة ومديره العام، ان الامور بلغت حد البحث عن الغاء الجهاز طالما انه لا يفيد احدا ممن يفترض به ان يكون مجسدا لامن الدولة، الامر الذي جعل وزراء يتحكمون  بقراره المالي في المصارفات السرية من غير ان يصل احد الى حد الطعن بسلامة عمل الجهاز ومديره، مع العلم ايضا ان زهاء ثلاثين سنة انقضت على نشاطه الاداري الامني من غير ان تكون حاجة الى انتقاده، بما في ذلك تسجيل امتعاض سياسي منه وعليه كما هو حاصل في هذه الايام.

هل صحيح ان اللواء مدير جهاز امن الدولة لا يعرف كيف يكشر عن انيابه ام ان «السوسة» السياسية باتت تحتم تغييره لمجرد ان تباينا حصل بينه وبين مساعده الذي ينتمي الى طائفة اخرى، وهل كان ولا يزال بوسع اي سياسي القول ان تباينا مماثلا قد حصل في جهاز المديرية العامة للامن العام، طالما ان مديرها  مؤهل لان يلقم المنتقدين حجرا، لانه يعرف كيف يعمل وما هي طبيعة عمله الاداري – السياسي والامني، لا سيما بعد سلسلة نشاطات سياسية نفذها اللواء ابراهيم بشهادة من يصح الاتكال على مواقفهم ومواقعهم في الدولة؟!

من حيث المبدأ يصح القول عمن لا يعرف طبيعة عمل جهاز امن الدولة انه يقوم بالواجبات المطلوبة منه، الا في حال استثنينا الظروف السياسية التي طبعت علاقة المدير  بمساعده المسنود  من جهات نافذة عرفت كيف تفضل مساعده في وقت لم تتأخر عن الطعن الشكلي في عمل المدير ما دفعها الى ان تحرم الجهاز الاموال التي كان بصدد انفاقها بطريقة سرية تقليدية، لانها من الامور والاعمال السرية التي يتطلبها جهاز امن الدولة في الايام العادية من ضمن النشاط التقليدي للجهاز (…)

ولان اللواء قرعة لم يعرف الى الان كيف يستند الى السياسيين ورجال الدين من طائفته، فأن اموره سائرة باتجاه سلبي، قد  يطيح به من غير حاجة الى القول ان المدير مقصر في عمله، اضف الى ذلك ان مساعده يبدو مسنودا من سياسيين بارزين يعرفون كيف يقطعون الطريق على اية مساعدة سياسية يمكن ان تقدم الى اللواء قرعة من الان حتى اشعار اخر، يفهم منه ان معالجة الاشكال معه لا تسير في الاتجاه الصحيح، والا لما وصلت الامور الى حد شل عمل الجهاز جراء وقف مصارفاته السرية التي يعتمد عليها في معظم اعماله التي لها طابع السرية؟!

اما الذين على اطلاع على خلفية مشكلة جهاز امن الدولة فيرون صعوبة في ازاحة اللواء قرعة، الا في حال اعادة  قولبة شاملة لمختلف اجهزة الدولة التي تعتمد الطابع السياسي – العسكري فضلا عن  ان الطائفة الكاثوليكية لن تسكت عن محاولة ازاحة مدير جهاز امن الدولة من دون ذريعة منطقية – مقبولة تحتم التغيير هذا في حال كان اصرار عليه، مع الاخذ في الاعتبار دور المدير المساعد الذي سيحال على التقاعد في وقت قريب، ما يتطلب البحث له عن وظيفة تكسر المشكلة القائمة مع اللواء قرعة وتنتهي من اي اتجاه لحل الجهاز على حساب مصالح خاصة؟!

لقد تردد في الاونة الاخيرة، ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي  يتولى شخصيا معالجة الاشكال في مديرية  جهاز امن الدولة قبل ان تتطور الامور الى حد بروز سجال في مجلس الوزراء يمنع تقديم «فواتير حساب دينية» على حساب حال سياسية – ادارية من شأنها الاصرار على التعرض للمدير اللواء جورج قرعة الذي بات مقتنعا بان القصد من الحملة الشخصية عليه تقليم اظافره، لاسيما بالنسبة الى مواضيع وطنية حساسة من شأن الابتعاد عنها التأثير في عمل ونشاط جهاز امن الدولة خصوصا بعدما حجبت عنه «داتا المعلومات» ذات العلاقة بنشاطات بعض الجهات المعروفة بعلاقاتها مع الخارج؟!

وفي المقابل لا بد من اسئلة ملحة تتعلق بجهاز امن المطار بعد كلام كثير على ارتكابات ادارية وامنية تحصل فيه من غير السماح لاحد بأن يقاربها سياسيا وامنيا؟!