Site icon IMLebanon

في نتاجات الممانعة..

نزل الأميركيون في منبج السورية للفصل بين «الحلفاء»،وإبقاء مسار التركيز على ضرب الإرهاب في مكانه. ونزلوا في الرمادي العراقية للمساعدة في الحرب على «داعش». وفي المكانين عودة جزئية الى الحضور المباشر. ونيّة معلنة في التخلي عن السياسة الأوبامية القائلة بـ«القيادة من الخلف»!

أي يبدو الأمر وكأنّ الإدارة الأميركية تعتمد خياراً ثالثاً وسطياً بديلاً من خيارَين متطرّفَين شهدهما العالم في العقدين الماضيين. الأول هجومي اعتمده جورج بوش الابن في أفغانستان ثم في العراق. والثاني نقيض اعتمده باراك أوباما وعنوانه الانسحاب ميدانياً والانكفاء سياسياً.

والخياران سبّبا كوارث تامة لا تزال شعوب المنطقة تعاني منها. وأنتجا خللاً دولياً غير مسبوق في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. ورسّخا في الاجمال قناعة بسيطة إزاء حالة شديدة التعقيد: إذا حضر الأميركيون مشكلة وإذا غابوا مشكلة!

الخيار الثالث الوسطي الراهن يتضمن مفارقتين لافتتَين. الأولى أنه قرار معتدل يصدر عن إدارة «متطرفة»، والثاني أنه يبلور قبولاً لذلك الحضور يوازي أو يزيد عن رفضه. وذلك يعكس مفاضلة منطقية في عقل الضحية: إيثار السيئ على الأسوأ! سوى أن محنة هذا النمط من التفكير ليست ذاتية بقدر ما هي خلاصة للتجارب والسلوكيات التي شهدتها النقاط المشتعلة في دول المحيط العربي وشعوبه على أيدي الإيرانيين وأتباعهم، وصولاً الى «ترسيخ» انقلاب اليقينيات والقناعات بما يسمح بإعادة النظر في لائحة الأعداء والأصدقاء برمتها!

العنوان شبه الوحيد لهذا الانزال الأميركي المزدوج هو ذلك المتصل بالحرب على الإرهاب. غير أنّ الهوامش المندرجة تحته تبدو الأقوى والأكثر منطقية. وهذه تتصل بإيران ووجودها ودورها وأدواتها في العراق كما في سوريا، كما في غيرهما. وتلك في كل حال، عوامل جذب لا شك فيها بالنسبة الى المجموع العربي والأكثري ومحنته التي بُنيت على وقع مذبحة تلو مذبحة ونكبة تلوَ نكبة وكارثة تلو كارثة، حتى انكسر الميزان من أساسه:

إذا كان ذلك كله هو زبدة نتاجات «أعداء الاستعمار»، وأصحاب الأجندات التحررية و«التنويرية» والزاحفون الذاهبون الداعون الى «رفعة الأمة»، فماذا بقي لذلك «الاستعمار» كي يفعله؟ وماذا بقي أمام «مطامعه» كي يسعى الى نيلها؟ وماذا بقي أمام «مؤامراته» كي تنزل الجيوش وتقوم الحروب من أجل «تنفيذها»؟!

ينزل الأميركيون في «أرض» مهّد سهولها وسوّى نتوءاتها «أعداؤهم» المفترَضون ليس إلاّ! وتلك خاصيّة ممانعة متمّمة أو موازية (في التاريخ!) لتلك التي ارتأت أن نكبة سوريا والسوريين، والعراق والعراقيين، عارض طارئ! طالما أن الأولى تعني الدفاع عن بشار الأسد! والثانية تعني ترسيخ النفوذ الإيراني!