دون سابق انذار قلب رئيس مجلس النواب الطاولة على رؤوس الجميع ناقلا المواجهة مع بعبدا الى مرحلة جديدة من شد الحبال لا احد يمكنه ان يتنبأ بما قد تؤول اليه، لتصبح المعركة حرب صلاحيات بين الرئاستين الاولى والثانية مع ما يحمله ذلك من مس بطبيعة النظام، مسقطا بضربة رفض نقل المقاعد الاقتراح «العدواني» الذي كان حتى مساء الامس الاكثر قبولا وروجا مع الحديث عن تخطي الاتصالات بشانه الثمانون في المئة.
مصادر عين التينة اكدت ان الرئيس بري دفع الى اتخاذ الموقف الذي اتخذه والى عقد مؤتمره الصحافي بعدما احس ان ثمة قطبة مخفية وفخا يحاول البعض ايقاعه فيه، كاشفة ان تحديد موعد جلسة الخامس من حزيران جاء بعد اتصالات جرت بكل من السراي وبعبدا لمس خلالها الاخير ان مرسوم الدعوة للعقد الاستثنائي سيصدر وان رئيس الجمهورية لا مانع لديه من اصداره، ليفاجأ بالرد العنيف والحملة التي شنها مسؤولون في التيار الوطني الحر وعلى وسائل اعلامهم، غامزة من قناة البعض الذين يبدو يريدون تمرير الانتخابات وفقا لقانون الدوحة ولحسابات سياسية وتحالفات جديدة، محذرة من اي محاولة لعزل الرئاسة الثانية معتبرة ان الاستاذ ادلى بكل ما لديه وكشف كل اوراقه وبالتالي باتت الكرة في ملعب الآخرين ناصحة بعدم الذهاب الى اي مواجهات عبثية لن تكون نتيجتها الا مزيدا من الانهيار والشلل في الدولة داعية جميع الاطراف الى التحلي بالجرأة والاعلان صراحة كما تفعل في الغرف المغلقة عن قرارها السير بالستين، مستغربة ربط رئيس الجمهورية فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب بالاتفاق على قانون جديد، لافتة ان رئيس المجلس كان يتجه لاقرار تمديد ولاية البرلمان في الجلسة التي أجلها ولكنّه ومواكبة منه للأجواء الايجابية المحيطة بقانون الانتخاب قرر التأجيل شرط ان يقترن ذلك مباشرة بفتح الدورة الاستثنائية.
في المقابل لا تنفي مصادر التيار الوطني حصول الاتصال بقصر بعبدا انما ليس من باب السؤال عن تحديد موعد الجلسة وان كان الرئيس بري ترك لنفسه هامش الاجتهاد، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية لن يوقع اي مرسوم لفتح دورة استثنائية اذ بات الامر مرتبط «بمدى إمكانيّة إحراز اتّفاق وتقدّم كبيرين حول سلة بنود القانون كاملة»، لان دون ذلك لا فائدة من فتحها، معتبرة ان ما حصل انقلاب ابيض على الدستور وتخط واضح لصلاحيات السلطات وهو ضربة قاضية في حال القبول به لاسس النظام البرلماني الذي يقوم عليه لبنان، وهو تمرد من السلطة التشريعية،سائلة لما لا يعمد رئيس المجلس الى تطبيق القانون واعتماد الوسائل الدستورية في حال اراد فتح دورة استثنائية، متابعة بان «رئيس المجلس لا يمكنه تجاوز موقف رئيس الجمهوريّة الذي ولغاية الساعة لم يدعوا لعقدٍ استثنائيّ، فلماذا استعجال موقفه بخطوات من هذا النوع؟ وكان الأجدر بالرئيس بري التريّث حتّى يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود».
وسط كل ذلك وازاء التطور الدراماتيكي على خط بعبدا عين التينة، رات مصادر سياسية متابعة ان الرابح الاول مما يجري هو الرئيس سعد الحريري وتياره والذي نجح في اعطاء موافقة رمادية على صيغة عدوان مقدما تنازلا جوهريا بسيره بالنسبية الكاملة تاركا لباقي الفرقاء اسقاط الاقتراح، الذي بحسب القوات اللبنانية بات بحكم الميت اذ انه يقوم على وحدة بنيته لجهة اولا النسبية الكاملة بالتوازي مع الصوت التفضيلي في القضاء والاهم نقل المقاعد في حال عدم قبول الصوت التفضيلي على اساس طائفي، معتبرة ان اسقاط الرئيس عون لخطة الاستاذ بتأجيله الجلسة الى 5 حزيران، لفرض امر واقع على الرئيس يقوده لفتح عقد استثنائي بمعزلٍ عن أي تفاهم شفهي حصل سابقاً، عبر تعيينه لجلسة من خارج المُهل،دفع بالاخير الى شن هجوم استباقي خلال مؤتمره الصحافي تاركا نافذة صغيرة مشرعة على امكانية ايجاد مخرج دستوري للازمة، معتبرة انه ما لم يكن هناك اتفاق على صيغة القانون التي يتم التداول فيها حاليا في حد أقصى نهاية الأسبوع الحالي، يمكن القول اننا نتجه وبخطوات ثابتة وسريعة باتجاه قانون الستين.
فهل ينسف الجدل القانوني – الدستوري الايجابية التي قطعها قانون الانتخابات؟ ام هو المبرر لاسقاط الصيغة العدوانية الاخيرة اما قانون الدوحة؟ ماذا لو دعا رئيس المجلس الى جلسات دون صدور المرسوم عن بعبدا؟ وهل يصر الرئيس عون على موقفه؟ ومن هي الجهة التي عمدت الى تسريب صيغة القانون التي يتم التفاوض على اساسها لنسفها؟ وماذا بعد الاول من حزيران؟ الاسئلة كثيرة والاحداث مشرعة على كافة الاحتمالات الدستورية وفي الشارع، الا في حال تدخل حارة حريك خلال الساعات المقبلة لتاجيل المواجهة حتى 21 حزيران.