دخل أساتذة الجامعة اللبنانية في سباق مع الوقت، لتحصيل ما وُعِدوا به من درجات قبل الانتخابات النيابية، خصوصاً وأن ليس أمامهم سوى أيام معدودة من عمر المجلس النيابي الحالي، وإلّا «عليكم خير، لسِنة الجايي». في هذا الإطار، علمت «الجمهورية» أنّ رابطة الأساتذة المتفرّغين اجتمعت قبل ظهر أمس بعيداً من الإعلام ومن دون إصدار بيان، لتشغيلِ محرّكاتها، وتكثيفِ اتّصالاتها وتنشيط مواعيدها بما يَخدم قضية أكثر من ألفَي أستاذ.
«الانتخابات خِلصِت، هلّق لازم يتفضّوا لملفّنا». بفارغ الصبر ينتظر أساتذة الجامعة اللبنانية الموزّعين على 16 كلّية و3 معاهده للدكتوراه، تحديدَ موعد انعقاد جلسة نيابية قبل 20 أيار، بعدما كانوا قد استنفذوا كلّ ما توافرَ لديهم من وسائل ضغط على السلطة لنيلِ حقوقهم، وآخرُها الإضراب 3 أسابيع، وملازَمة أكثر من 75 ألف طالب منازلهم، إلّا أنّهم لم يحصدوا إلّا الوعود.
في التفاصيل
قرابة العاشرة والربع قبل ظهر أمس بدأ اللقاء في مقرّ الرابطة في بئر حسن، ركّز الأساتذة نقاشَهم على خطة عملٍ طارئة، تبدأ من الاتصال بوزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، مروراً بما يمكن إجراؤه من اتّصالات بالكتلِ النيابية التي وقّع بعضُ أفرادها على القانون المعجّل المكرّر في يوم التضامن مع الجامعة اللبنانية في 25 الشهر المنصرم، وصولاً إلى الجدوى من التحرّك والاعتصام.
في هذا الإطار، قال مصدر مواكب للملفّ لـ«الجمهورية»: «يشكّل القانون المعجّل المكرر الحلَّ الوحيد في الظروف الراهنة، فهو يَمنح أستاذ «اللبنانية» 3 درجات، لذا نعوّل على أن يأخذ مسارَه بعدما تمكنّا من نيلِ توقيع نحو نائبٍ من كلّ كتلة نيابية في 24 نيسان 2018، يوم التضامن مع الجامعة اللبنانية».
«ضِيعان الإضراب؟»
لا يُخفي المصدر خشيتَه من أن تذهب تحركّاتهم واعتصاماتهم وكلّ الزيارات الرسمية والمناشدات التي انهمكَ بها الأساتذة طوال هذا العام إلى السنة الدراسية المقبلة، فيقول: «نرفض التفكيرَ للحظة أنّنا قد نعود إلى نقطة الصفر، نكثّف جهودنا من منطلق «وعد الحر دين»، لذا من المفترض أن يصدقَ السياسيون في وعودهم، وأن يأخذ القانون المعجّل المكرّر مسارَه الإداري والقانوني، لا سيّما وأنّ على الجدول مشاريع أخرى يُفترض أن يبتّ بها المجلس قبل انتهاء ولايته». وأضاف: «في الوقت عينِه نتخوّف من أيّ عرقلةٍ قد تُطيح بملفّنا، وبالمجهود الذي بذلناه، وأن تتحوّل المسألة إلى اللجان الجديدة والمجلس الجديد».
سيف ذو حدّين
ما يزيد السباقَ حماومة، بالنسبة إلى الأساتذة عموماً وإلى الرابطة تحديداً، هو اقتراب انتهاء ولايتها وانتخابُ خلفٍ لها العامَ المقبل، لذا تجد أنّ المسؤولية مضاعَفةٌ على كاهلها، ولن تألوَ جهداً في مواصلة مساعيها على المستويات كافّة حتى ربعِ الساعة الأخير من ولاية المجلس الحالي، على اعتبار أن لا بدّ مِن حصدِ ما زرعته. في الوقت عينِه يَصعب تجاهُل تهامسِ بعضِ الأساتذة في مجالسهم، حول خشيتِهم من «أن تبردَ همّة الرابطة وتخورَ قواها في اللحظة الأخيرة».
مِن جهته، يؤكّد رئيس الرابطة الدكتور محمد صميلي، «أنّ مجهود الرابطة لم ينقطع لحظة، سنواصل مساعيَنا حتى آخِر لحظة من عمر المجلس النيابي الحالي»، موضِحاً في حديث لـ«الجمهورية»: «إتّصلتُ بالوزير حمادة مهنّئاً ومواكباً لملفّ الأساتذة، وقد لاقاني عند منتصف الطريق لناحية ضرورة الاجتماع معنا، بانتظار تحديد موعدٍ لانعقاد جلسة قبل 20 أيار، وذلك في ضوء الوعود الجدّية التي سبق وتلقّيناها من القوى السياسية كافّة قبل الاستحقاق النيابي». ويضيف: «نأمل أن يكون هناك مشاريع قوانين لقطاعات أخرى، إلى جانب قضية أساتذة اللبنانية، بذلك تزيد فرصُ انعقاد جلسة ضِمن المهلِ القانونية».
ولا يخفي صميلي تململَه من «المماطلة والتأخّر في تعاطي المسؤولين في ملفّ «اللبنانية»، وفي المقابل «هُرِّبت» درَجات القضاة، علماً أنّه كُنا وإياهم سلّة واحدة». ويضيف: «أثبتت التجارب، أنه حين يتّفقون على إقرار قانون معيّن، يجدون الوقتَ والفرصة في أيّ لحظة لطرحِه وإقراره، وحين لا يريدون ذلك يتذرّعون بفقدان النصاب».
في موازاة الرهان على إسراع النواب لإعادة التوازن إلى راتب أستاذ الجامعة اللبنانية نظراً للدور الذي يؤدّيه في المجتمع، والموقع الأكاديمي الذي يُمثّله، يَبرز الرهان الأكبر و«الجرح الدائم» الذي يُعاني منه الأساتذة المتعاقدون في الساعة والمستوفون لشروط التفرّغ، وفي هذا السياق ناشدوا النوّاب الجُدد الاهتمامَ بملفّهم «لأنّهم يُعانون أقسى أنواع الفقر والتهميش، خصوصاً أنّ معظمهم لم يقبض عقود المصالحة منذ سنتين ونِصف السنة».
وناشَدوا رئيس الجامعة فؤاد أيوب «وضمائرَ العمداء الذين أسقطوا ملفّ التفرّغ بالتصويت أن يبادروا إلى إيجاد الحلّ كونهم المسؤولين المباشَرين عن تأخّرِ التفرّع».