المواقف الصادرة اخيرا عن المختارة من النائب تيمور جنبلاط او الرئيس السابق للحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط شكلت مادة مثيرة للجدل السياسي، خصوصا في مسألة التفاعل مع الحوار في الموضوع الرئاسي، بخلاف المعارضة التي يتقاطع معها “الإشتراكي” في العديد من قضايا الساعة.
ومع ان تيمور جنبلاط خاض الإنتخابات النيابية بمبادىء سياسية، ووعود اصلاحية مختلفة عن المنظومة، فإنه اليوم لم يثبت الاختلاف والتغيير في الممارسة الجدية والفعلية ، وللإنصاف أكثر ما يمكن الجزم انه متموضع في الموقع الوسطي، تماما كما كان يفعل والده قبل ان يغادر رئاسة الحزب، فيما كانت توقعات ورهانات المعارضة على أداء “اشتراكي” اكثر وضوحا وحسما من قبل جنبلاط الإبن.
فالموقف الصادر عن النائب جنبلاط المؤيد لحوار الرئيس نبيه بري، أربك المعارضة والمقربين من “الحالة الإشتراكية”، خصوصا انه يشكل امتدادا لانفتاح وليد “بيك” على حزب الله قبل فترة، وفي سياق طلبه الموجه الى القوى السياسية للتحاور والجلوس مع الأمين العام لحزب الله لإنتخاب رئيس للجمهورية، بدل المواجهة والتحدي.
مواقف “الثنائي الجنبلاطي” أخرجت الإختلاف العميق بين المختارة وحزبي “القوات” و”الكتائب” الى العلن في المسائل الاستراتيجية والحساسة، ف “الاشتراكي” ابتعد كثيرا عن المعارضة في مقاربة الحوار والمشاركة في جلسات الانتخاب، وبدا واضحا ان النائب الدرزي ليس مؤيدا لتوجهات “الكتائب” و”القوات” المتطرفة في حل القضايا الخلافية، والأرجح انه لا يتفق مع المعارضة المسيحية، إلا حول مبدأ عدم انتخاب مرشح الفريق الثاني.
ما يحصل بين “الإشتراكي” و”الثنائي الشيعي” واضح ، فالاتصالات مفتوحة مع عين التينة، والصدام مع حزب الله غير مطروح بالنسبة الى “الإشتراكيين”، على الرغم من التباعد في الموقف السياسي، وهذا ما بدا واضحا في السجالات التي ينأى عنها “الاشتراكي” عندما تتجاوز السقوف المعتدلة، كما حصل في حادثة الكحالة قبل أشهر، وقد سجل الموقف “الإشتراكي” في خانة الإشارة الإيجابية والمختلفة لدى حزب الله، بخلاف أحزاب حليفة للمختارة تعاملت بعدائية مع الحدث، بدل ضبط الفتنة.
كل ذلك يقود الى تمايز “اشتراكي” في الأزمات ينحو الى التهدئة والابتعاد عن التشنج، فالثابت انه شريك في المواجهة السياسية مع الأحزاب المسيحية، لكن لا يحبذ التصادم مع المكونات الأخرى ، إما خوفا على الشراكة او خشية من الذهاب الى سيناريوات الفوضى الخطيرة وايقاظ الفتنة النائمة. ف “الإشتراكي” حذر من القضايا وما يحضر للساحة اللبنانية من مخططات بدأت معالمها تظهر في قضية النزوح السوري المخيف، وتمدد الفراغ الى المؤسسات والمواقع الأساسية في الدولة، ولذلك يكثف من دعواته لإنجاز التعيينات وملء الفراغ العسكري تفاديا للأسوأ أمنيا.
في الدائرة اللصيقة من جنبلاط تأكيد على الثوابت، وان لا شيىء تغير في الموقف من الاستحقاق الرئاسي، وتحديدا في رفض إنتخاب سليمان فرنجية، فتيمور جنبلاط على خطى والده ليس متحمسا لمرشح محدد، ومكمل بالنهج والثوابت الحزبية والسياسية ذاتها التي أرساها والده في المرحلة الأخيرة مع تعديلات طفيفة.