صورة رمادية تعيشها البلاد، مع المراوحة التي يعيشها الملف الرئاسي، حيث يجمع المراقبون على وجود “قطب مخفية” والغام، تحكم مسار المبادرات والاتصالات، معاييرها عدم قدرة الاطراف الداخلية والخارجية، بين قبض الاثمان ودفعها، للنزول عن “شجراتها”، محورها ومركز ثقلها ان حارة حريك تنتظر طرحا واضحا من واشنطن، فيما الاخيرة غير مستعدة للتفاوض او تقديم اثمان راهنا.
فقراءة المشهد الحالي، وفقا لمصادر ديبلوماسية تؤشر الى ان الادارة الاميركية غير منزعجة من هذا الحجم من الانهيار والفراغ، وبالتالي لا يهمها مقايضة الحزب راهنا، لادراكها وعلمها ان مصالحها مؤمنة بحكم الامر الواقع، في ما خص ملفات التفاهمات الحدودية، وضمان الاستقرار وانسيابية تصدير الغاز من البحر المتوسط الى اوروبا، لادراكها عدم جاهزية محور المقاومة والممانعة لخوض المواجهة راهنا. لذلك فان الولايات المتحدة الاميركية ليست في صدد التفاوض مع الحزب على التفاصيل اللبنانية.
في أي حال، يبدو أن مجمل الأفرقاء السياسيين في لبنان باتوا مسلّمين بقضاء الخارج وقدره، في ظل الاعتقاد بان العقدة الداخلية باتت خارجية، مع تضارب وجهات النظر بين اطراف خماسي باريس، حيث دخلت الصراعات الداخلية بين دوله على خط تسوية الازمة الرئاسية اللبنانية، من باريس الى واشنطن مرورا بالتوازنات الخليجية، دون اسقاط عوامل الصراع الايراني – الايراني، من جهة، وارتباط الملفات ببعضها بعضا داخليا، حيث الحل يجب ان يكون شاملاً للاصلاحات والدعم والتمويل والحدود والترسيم والمواقع وغيرها.
وفيما لا تزال التكهنات السياسية عنوان المرحلة، تبدو الاطراف على تمسكها بمواقفها المعروفة لناحية دعم هذا او رفض ذاك من المرشحين، ارتفعت وتيرة القصف المركز لجبهة “الخيار الثالث”، من منطق التحدي والاستفزاز، في حرب رفع سقوف لا افق له، مع وجود طرح عملي بديل باستمرار الحراك القطري الذي خلص، برأي المصادر الديبلومسية حتى الساعة الى:
– اولا: عدم وجود مبادرة قطرية خلافا لكل ما يقال، اذ ان الدوحة لن تطرح “حلها” قبل الانسحاب الفرنسي الكامل من المشهد اولا، وحصولها على تفويض اميركي – سعودي مباشر ثانيا.
– ثانيا: ارساء معادلة فرنجية – عون عمليا، ما جعل الخيار الثالث خارج هذه المعادلة، تمهيدا للانتقال الى التسوية، بعد انتهاء المفاوضات الخارجية. فخصوم العماد جوزاف عون نجحوا في حرق اسمه عبر وضعه في التصفيات مقابل سليمان فرنجية، خلافا للاعتقاد السائد باسم جهاد ازعور. من هنا كانت مواقف الحزب الاخيرة من اليرزة، وكذلك موقف عين التينة اللافت.
وفي اطار المعلومات المتداولة، والتسريبات حول عروض تتعلق بمصير ترشيح “بيك” زغرتا، تحت عنوان البحث عن سلة، كتمهيد للتفاهم على بديل، اكدت اوساط بنشعي ان القصة ليست قصة “بيع وشراية”، لذلك فهو مستمر في ترشيحه بشكل طبيعي والانسحاب ليس وارداً في غياب اي حل، مستدركة ان الاخير منفتح كما سبق واعلن، ولن يكون عقبة امام اي حل، بالتنسيق مع الحلفاء بالتأكيد.
أما “التيار الوطني الحر”، الذي جال رئيسه بقاعا في زحلة وبعلبك-الهرمل، وسط غياب لافت “للجنرال” فوضعه البعض في خانة الموقف السياسي، هو الذي بات في موقع يكاد يكون الاكثر تأثيرا في التوازنات المحلية باعتراف الجميع، حيث يرى مقربون من النائب البتروني، انه لا يطلب كسر الحزب، وهو يجد فائدة في الحوار مع الضاحية، في حال صفت النيات وحسم القرار بالوصول الى نتيجة، لن تكون بالتأكيد قبول التيار دعم فرنجية مهما كلف الامر، بعيدا عن آمال حارة حريك بعكس ذلك.