لم يعد خافياً على أحد أن التريث هو سيد الموقف بالنسبة للجزء الثاني من مهمة الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان إلى بيروت، خصوصاً وأن ما من موعدٍ محدد حتى اللحظة قد تمّ الإعلان عنه سواء من قبل الإليزيه أو من قبل السفارة الفرنسية في بيروت، حيث أن الجولة التي قامت بها السفيرة الفرنسية آن غريو على مسؤولين وقيادات خلال الأيام الماضية، بقيت بعيدةً عن الأضواء وغابت عنها أية مواقف تحسم التوجه الرئاسي الفرنسي بالنسبة لزيارة لودريان الثانية. وبينما تتضارب التكهنات حول مجيء الموفد الفرنسي إلى بيروت، فإن أوساطاً سياسية على تماس مع الحراك الديبلوماسي الفرنسي، قد تحدثت عن وجود نقاشٍ في الإدارة الفرنسية حول الإقتراح الجديد الذي قد يحمله لودريان والذي سيأتي بناءً على المعطيات السياسية المحلية، والتي لم تلحظ أي تحول أو تعديل بالنسبة للإستحقاق الرئاسي وإن كانت غالبية القوى والكتل النيابية التي اجتمع معها في زيارته الأولى في الثالث والعشرين من حزيران الفائت، لا تزال تطلق المواقف والخيارات عينها خصوصاً على مستوى انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.
بالتزامن، تكشف الأوساط نفسها عن خيارات أخرى قد تكون مطروحةً للتداول، وذلك في ضوء الدعوة التي وجهتها الدوحة إلى دول «اللقاء الخماسي» من أجل لبنان، من أجل الإجتماع والتشاور قبل أيام قليلة من الموعد المفترض لمجيء لودريان إلى لبنان وهو نهاية الأسبوع الجاري، علماً أن معلومات قد تحدثت عن محطة مرتقبة للديبلوماسي الفرنسي في قطر قبل بيروت، وبالتالي، فإن هذا الواقع، سوف يعزز الإنطباع بأن جولةً جديدة من المفاوضات بين ممثلي الدول الخمس، سوف تحصل قبل الجزء الثاني من المهمة الرئاسية الفرنسية، مع العلم أن مهمة لودريان منفصلة عن حراك «اللقاء الخماسي».
ومن هنا، فإن كل الكلام المتداول عن مبادرة حوار يحملها معه لودريان ينتظر الترجمة، كما تضيف الأوساط نفسها، والتي تؤكد أن الأطراف والكتل النيابية قد أوضحت ما تريده من الحوار الذي قد ترعاه فرنسا ولاسيما أنها من محبّذي السلة المتكاملة للحل، وبالتالي أن لايقتصر هذا الحوار فقط على انتخاب رئيس الجمهورية فقط.
في المقابل، لا يمكن إغفال أن الدول الخمس المعنية بالإستحقاق الرئاسي، التي ستعود إلى اجتماعاتها، على حد قول الأوساط المطلعة، ستكون لها مقاربة من أي ورقة فرنسية معينة عن الحوار ووقائعه، ولكن من دون أن يعني هذا الأمر ان الحلول باتت وشيكة وستنطلق مع عودة لودريان إلى بيروت. وبالتالي، تخلص هذه الأوساط إلى أن صفحةً جديدة قد فُتحت على مستوى الإستحقاق الرئاسي، لكنها تستدرك مؤكدةً أنه طالما أن جميع القوى السياسية على تبايناتها، حيال المرشح الرئاسي وبرنامجه ومشروعه وتحالفاته السياسية، فإن حظوظ نجاح أي مقاربة أو حوار بصرف النظر عن الغطاء الخارجي له أو الرعاية الفرنسية المباشرة، ستبقى شبه معدومة.