Site icon IMLebanon

«التفاوض بالنار» على جبهتي رفح وشمال فلسطين!

 

بات واضحا من خلال سير المواجهات العسكرية بين جيش العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من جهة، وعلى جبهة الشمال مع لبنان مع المقاومة اللبنانية من جهة أخرى، أن المساعي الدبلوماسية في الأسابيع الماضية قد وصلت إلى طريق مسدود، وأصبح لزاما على الأطراف المعنية بالمواجهة، أن تقدم الإنجازات العسكرية كمقدمة لأية صفقة أو تسوية قد تنتجها المعركة بكل أطرافها.

رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي أصبح محشورا في زاوية من إخفاقات جيشه، وابتلاء معظم وحداته حتى النخبة منها بالعجز والهزيمة، لعدم تحقيق الأهداف العريضة المعلنة بعد عملية طوفان الأقصى، وعلى الرغم من مواقف كيان العدو عالية السقف باجتياح رفح، وتوسيع رقعة المواجهة مع حزب الله، يبقى الموقف الإسرائيلي هذا معطوفا على جملة الإخفاقات، والانقسامات السياسية والعسكرية، بغية تحسين شروط وقف إطلاق النار لتعويض إسرائيل عن خيباتها في قطاع غزة.

نعم، التفاوض بالنار لا يعني، حسب المراقبين، قلب الطاولة بالكامل، إنما الضغط باتجاه تهيئة الأجواء المناسبة، التي تمنح من خلالها الدول المتدخلة والوسيطة في هذه الحرب، لتحصيل نقاط وخاصة ما يتعلق بضمان إبعاد نتنياهو عن المحاسبة، وفتح التحقيق بحيثيات عملية طوفان الأقصى، التي بنى كابينيت الحرب الإسرائيلية حربه عليها.

من هنا ترى المصادر المتابعة، أن رسائل المؤسسة العسكرية للاحتلال، تشكّل جرس إنذار للمسؤولين السياسيين بأنهم لم يعودوا على قدر المسؤولية، أو بأنهم باتوا غير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة التي تصب في المصلحة العامة الإسرائيلية؛ فلطالما استند قادة كيان الاحتلال إلى الأمن، كدعامة أساسية لبقائه ووجوده، ولطالما استعانوا بقادة ومسؤولين سابقين في الجيش لتسلم مهام سياسية، وهو ما يزعم بعضهم أنه سبب نجاح العديد منهم، ومن بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو.

‏‎ومع ارتفاع وتيرة التصعيد المتنقلة من هدف لآخر، والذي شمل هذه المرة استهداف مقر القيادة الشمالية في صفد المحتلة، والرد الإسرائيلي الهستيري بارتكابه مجازر في النبطية والصوانة، ترى نفس المصادر، أن هذا التصعيد المرتفع يوازي ارتفاع الحراك السياسي والدبلوماسي، للوصول إلى هدنة طويلة الأمد، وصفقة تبادل للأسرى والرهائن. وما يعزز هذا المسار هو المواقف السياسية التي بدأت تتمايز عن المواقف العسكرية داخل الكيان بفعل التصرفات والقرارات التي يتخذها نتنياهو؛ لتتعالى الأصوات الإسرائيلية المطالبة بتنحيته، والمشككة بكل خطوة يقوم بها.

‏‎على جبهة الشمال الفلسطيني ما زالت المقاومة تمسك بزمام المبادرة رغم وحشية الاعتداءات، فارضة معادلة الردع الدم بالدم، بتعزيز من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الذي جزم في خطابه الأخير فرض معادلة المقاومة من خلال الميدان. ما دفع برئيس الأركان السابق يائير غولان الذي كشف نتنياهو، وأعطاه دروسا في التعاطي السياسي مع الإسرائيليين والعالم على حد سواء، واتهمه مباشرة بأنه لا يملك أهدافا في الحرب التي شنّها، وأنه يرفض أي مسار سياسي لحل الأزمة، ومنها مفاوضات الإفراج عن الأسرى؛ لأنه، أي نتنياهو، يعلم أنها ستكون بداية نهايته في الحياة العامة.

‏‎من هنا، تتعزز رؤية المفاوضات بالنار، من خلال المسار السياسي المرافق للعمل العسكري الميداني. وبالتالي، فإن الثقة برئيس الوزراء الإسرائيلي تتراجع بشكل كبير. وإذا ما توسع نطاق الحرب ليشمل لبنان، فيجب أن تكون إسرائيل واثقة تماما من حسم الموقف، وإلا فإن فتح جبهة الشمال سيكون امرا صعبا، وخيار شاقا، يحمل نتائج وخيمة على كيان الاحتلال بكل مرافقه السياسية والعسكرية.

 

‏‎أمام هذا المشهد، تؤكد أوساط على صلة بما يجري من محادثات بعيدة عن الأضواء، وخاصة في مصر وقطر، بأن طبخة ما يجري إنضاجها في إطار المساعي للتوصل إلى وقف لاطلاق النار، على قاعدة «اشتدّي أزمة فانفرجي». لذلك بات من المؤكد صعوبة استمرار الحرب بعد فراغ أهداف الاحتلال من مضمونها، وعدم تحقيق أي شيء منها، لتشكّل التطورات المتصاعدة عدًّا تنازلياً نحو الاعتراف بهزيمتين: الأولى في فلسطين المحتلة، والثانية بعدم تمكّن اسرائيل من كف يد المقاومة جنوب لبنان.