IMLebanon

من رفيق إلى سعد «من شابه أباه»

 

توالى الثناء على موقف الرئيس سعد الحريري بعد الأحداث الدامية التي عصفت بـ»طرابلس لبنان»، فاستذكر أعتى خصومه الشبه بين الرئيس الأب الشهيد رفيق الحريري من أحداث الضنيّة التي عصفت بلبنان في أول أيام العام 2000، وبين موقف الرئيس الحريري الإبن بعد الأحداث التي كادت تفجّر طرابلس لتختطفها إمارة داعشيّة، عسى ولعلّ…

ولا بُدّ لنا من إعادة قراءة موقف الرئيس الحريري الأب في عزّ تلك العاصفة التي كانت تخطّط لضرب الشمال بالإرهاب، عندما دهم اللبنانيّون الخوف فجر احتفالاتهم باستقبال العام الجديد، واستيقظوا على خبر «الإرهاب» الصادم، بعدما نفّذ الجيش اللبناني عمليّة عسكرية واسعة ضد مجموعة إرهابية تضم مئات العناصر، كانت متحصنة في منطقة جرود الضنية، وتمكّن من القضاء على هذه المجموعة واعتقال معظم أفرادها وضبط كمية كبيرة من الأعتدة والسلاح بحوزتها، وسقط للجيش في تلك المعركة ضابط وعشرة عسكريين شهداء، ويتطابق الموقفان بين الحريري الأب والابن، فالمدرسة واحدة، والنهج واحد، وميزة التبصّر والحكمة الوطنيّة ورثها الابن عن أبيه الشهيد.

كانت أيام رمضانيّة مباركة جمعت أعياد المسيحيين والمسلمين في تجلٍّ صادق لمعاني الشراكة الوطنية، وعادة المآدب الحريرية الرمضانية ازدهت بها دارة قريطم، يومها سجّل الرئيس الشهيد رفيق الحريري موقفاً متقدّماً من أحداث الضنيّة، فاستنكر في إفطارٍ رمضانيّ مطلع العام 2000 تلك الأحداث وقال: «إنّ ما يحصل منافٍ لطبيعة لبنان واللبنانيين، اللبنانيّون أهل اعتدال، وأهل الشمال أهل اعتدال ومسالمة ولهم علاقة بالإسلام المعتدل وليس بالتطرّف. التطرّف لا مكان له في المجتمع اللبناني، لا عند المسلمين ولا عند المسيحيين. لا أحد يستطيع أن يحلّ محلّ الدولة ولا أحد يستطيع أن يُمسك الأمن غير القوى الأمنيّة الشرعيّة الممثلة بالجيش وقوى الأمن الداخلي»…

هذا كلام قيل في العام 2000، وقد مرّ عليه أربعة عشر عاماً، إلا أنّه كأنّه قيل ويقال كلّ يوم، منذ 14 شباط العام 2005، «لا أحد يستطيع أن يحلّ محلّ الدولة»، ولكن أهل الدويلة «صمّ» لا يسمعون، علّهم يدركون أنهم فشلوا في تصوير «الطائفة السُنيّة» ومنذ العام 2007 على أنها بيئة حاضنة للإرهاب والتشدّد والتعصّب، لا شمالاً ولا بقاعاً ولا في مناطق تواجد أهل السُنّة في لبنان، فالأصل في جوهرهم الاعتدال الديني والنفور من كلّ تشدّد وتطرّف، ونعرف أنّ أهل الدويلة أصيبوا بخيبة أمل مع فشل تحريضهم على «طرابلس لبنان»، وعلى الشمال اللبناني عموماً، وقد منيَت خطابات استفزازهم التي تريد أن تورّط الجيش مع الطائفة السُنيّة، في سياقٍ مفضوحٍ لإذكاء الفتنة علّ وعسى…

لا يتوقعنّ أحد أن تنكفئ  في الأيام المقبلة محاولات الوقيعة بين الجيش اللبناني والطائفة السنيّة، وندرك مسبقاً أن كلّ هذه المحاولات ستمنى بالفشل لأنه وكما وصّف الرئيس الحريري الابن المشهد: «أهل السنة في لبنان كانوا على الدوام وما زالوا يشكلون القاعدة المتينة لأهل الاعتدال والوحدة، بل هم ركن متقدم من أركان الصيغة التي يقوم عليها وطننا، وهم بهذا المعنى مؤتمنون على إرث قومي ووطني، لن يفرطوا به ولن يسلموا بالتراجع عنه، مهما اشتدت عليهم ظروف الاستقواء بالسلاح الخارجي وأسلحة الخارجين على الدولة ومؤسساتها الشرعية»، وعاجلاً أم آجلاً سيدفع حزب الله ثمناً باهظاً لتدخّله في سوريا وتماديه في التدخّل، ولكن نأمل أن لا يدفع لبنان معه هذا الثمن الباهظ، لأنه اعتاد على جرّ هذا البلد إلى مغامرات قاتلة، يتحسّر بعدها بـ»لو كنتُ أعلم»!!