التطوّرات المتسارعة على صعيد المنطقة تُعيد خلط الأوراق
عودة الملف الرئاسي إلى المربّع الأول والأنظار تتّجه إلى مفاوضات جنيف
الأزمة السورية دخلت في تعقيدات جديدة من الصعب معها الرهان على مفاوضات جنيف إلا إذا رفضت روسيا الإعتراف بنتائج الإنتخابات التي أجراها النظام في مناطق نفوذه
في الوقت الذي تراجع فيه الاهتمام بملف الاستحقاق الرئاسي إلى ما دون المربّع الأول، حسب توصيف مصادر مواكبة للحراك الداخلي حول هذا الملف، تتّجه أنظار اللبنانيين على الحراك الدولي الناشط في محطتين أساسيتين، الأولى في جنيف مع استئناف المحادثات بين وفدين من النظام والمعارضة السورية باجتماع بدأ أمس بين الموفد الأممي ستيفن دي ميستورا ووفد المعارضة على وقع تطورات ميدانية تضع مصير الهدنة التي ترعاها الدولتان الكبريان الولايات المتحدة الأميركية وموسكو على المحك، في ظل استعدادات يقوم بها النظام لمعركة حاسمة في حلب، مع انطلاق عملية الانتخابات النيابية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بالرغم من إعلان الموفد الأممي عدم اعتراف الأمم المتحدة بنتائج هذه الانتخابات والتي وصفتها فرنسا بـ«العار» لأنها تنظّم من حكومة ظالمة فيما اعتبرتها موسكو في موقف لافت ويتنافى مع كل تصريحاتها السابقة المتعلقة بمساعي التسوية السلمية وانتقال السلطة التي تنسجها مع الولايات المتحدة الأميركية عملية دستورية للحيلولة دون نشوء فراغ قانوني مع استطراد توضيحي للتخفيف من حدة موقفها بأن الانتخابات المبكرة متوقع انعقادها تحت دستور جديد بعد العملية السياسة، الأمر الذي اعتبرته أوساط دبلوماسية غربية رسالة إلى الشريك الأميركي بأن موسكو ما زالت ملتزمة بالاتفاق بينهما على إكمال المشاورات لتحقيق العملية السلمية وفق الأجندة المتفق عليها بين الجانبين والتي تقوم على قاعدة تثبيت وقف القتال، وتشكيل حكومة إنتقالية كاملة الصلاحيات، تتولى وضع دستور جديد وإجراء إنتخابات نيابية على أساسه بإشراف الأمم المتحدة في خلال مهلة لا تتجاوز التسعة أشهر.
لكن الأوساط الدبلوماسية لا تعفي موسكو من مسؤولية التراجع عن هذا الاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية والذي على أساسه وافقت المعارضة السورية على الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع النظام للوصول إلى آلية لتنفيذه، تبدأ بتشكيل حكومة إنتقالية كاملة الصلاحيات وتنتهي بإجراء إنتخابات نيابية على أساس دستور جديد يؤمّن إنتقال السلطة بشكل سلمي وهادئ بدليل موافقتها العلنية على إجراء إنتخابات جديدة في المناطق التي يسيطر عليها النظام واستمرار دعمها له لتوسيع رقعة نفوذه، لكي تجد له مبرراً للإنقلاب على ما هو متفق عليه بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية والذي على أساسه قبلت المعارضة الدخول في مفاوضات غير مباشرة وبرعاية الأمم المتحدة وإشراف الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي.
وبناءً عليه تعتبر هذه الأوساط أن الأزمة السورية دخلت في تعقيدات جديدة، وبات من الصعب عقد أي رهان على مفاوضات جنيف التي بدأت أمس، إلا إذا انضمت روسيا إلى الدول التي أعلنت عدم اعترافها بنتائج الانتخابات التي يجريها النظام في مناطق نفوذه وسيطرته، وأكدت التزامها التام بالعملية السياسية وفق مبادئ جنيف واحد.
أما المحطة الثانية التي تتّجه إلها الأنظار فهي قمّة منظمة التعاون الإسلامي التي تبدأ أعمالها اليوم في اسطنبول والتي يُشارك فيها لبنان ممثلاً بوفد رسمي برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل وأكرم شهيّب ومحمد المشنوق، وفي حين يكبر التعويل اللبناني على إمكانية عقد لقاء بين سلام والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يشكّل مقدمة لطي صفحة التوتّر بين المملكة ولبنان، واستبعدت مصادر وزارية عقد مثل هذا اللقاء ووضعت زيارة السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري إلى رئيس الحكومة قبل ساعات من موعد سفر الوفد اللبناني إلى اسطنبول في هذا السياق، في حين رجّحت مصادر وزارية أخرى عقده، انطلاقاً من حرص المملكة وخادمها الملك سلمان على الروابط الأخوية بين البلدين وعلى العلاقة التاريخية التي لا تشوبها شائبة كما جاء على لسان السفير عسيري بعد زيارته المفاجئة إلى الرئيس سلام في السراي الحكومي قبيل مغادرته إلى اسطنبول للمشاركة في قمّة منظمة التعاون الإسلامي التي تبدأ أعمالها اليوم الخميس.
أما بعيداً عن هاتين المحطتين، فلا يزال الاهتمام الداخلي يتركز على الخلاف القائم حول الجلسة التشريعية التي يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي على عقدها بعد جلسة الحوار في العشرين من الجاري لإقرار عدد من المشاريع الضرورية، والجديد في هذا الأمر ما نقله زوّار الأربعاء النيابي عن أن الرئيس برّي لا يزال يسعى مع الفريق المعارض لعقد هذه الجلسة للإتفاق على صيغة تقضي بعرض تقرير اللجنة النيابية المكلفة دراسة قانون الانتخاب على طاولة الحوار التي تعقد في العشرين من الجاري من أجل الحصول على توافق سياسي عريض للتشريع مع تأكيده على استحالة وضع بند الموازنة الذي تطالب به الكتل المسيحية على جدول الأعمال لأن المهلة المحددة لإرسال مشروع الموازنة إلى الحكومة إنقضت كما أنه حتى الآن لا مشروع قانون وصل إلى الهيئة العامة.