في الوقت الذي ينتظر فيها الجميع إقرار الموازنة باقلّ الخسائر، أي عدم فرض ضرائب جديدة والمسّ برواتب القطاع العام والعسكريين المتقاعدين، والى ما هنالك من موظفين يخافون ان يكون دعم الخزينة وتخفيض عجز الموازنة من خلال جيوبهم فقط، لا تزال العيون شاخصة الى نتائح الاجتماعات المتلاحقة للحكومة لإنهاء هذا الملف الشائك، على امل ان تنطلق عجلة الدولة وتنفّذ المشاريع المطروحة، لان الموازنة اساسية، وبالتالي عندما يتم إقرارها يعني ان البلد اصبح ضمن وضع جيّد جداً، لان مشاريعه تنطلق نحو التحقيق ويعيد ثقة الخارج به، خصوصاً بالنسبة لمؤتمر «سيدر» الداعم من الناحية الاقتصادية، لان هذا الدعم لا يعطى في حال لم تقّر الموازنة. فضلاً عن ضرورة تحقيق الاصلاح المترافق مع ضرورة وقف الهدر والفساد والمحاصصة وكل قواعد الصرف وتوابعه، وذلك عبر مراقبة المصاريف والمداخيل، والبحث عن أبواب تزيد الإيرادات للوصول الى الهدف المنشود.
وفي هذا الاطار يواصل مجلس الوزراء دراسة مشروع الموازنة، لكن على وقع التحرّكات الاحتجاجية التي يشهدها الشارع، اعتراضاً على احتمال خفض رواتب موظفيّ القطاع العام، والمسّ برواتب وتعويضات العسكريين المتقاعدين، ويشاركهم بذلك الاتحاد العمالي العام، والنقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة، والى ما هنالك من متضرّرين من خفض عجز الموازنة على حسابهم، عبر اقتطاع نسبة من أجورهم، التي زادت مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وتجنّباً لأيِّ توجّه سلبيّ، يهدّد الموظفون بالاعتصامات والتظاهرات المفتوحة، في حال لم تتحقق مطالبهم، مما ينذر بعواقب وخيمة.
الى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديث لـ «الديار»: «من الأفضل التروّي قبل إعلان الاعتصام والإضراب المفتوح، لان ما يُدرس في مجلس الوزراء ليس سوى إقتراحات، وعلى المعتصمين ان ينتظروا إحالة هذه الاقتراحات الى مجلس النواب ولجنة المال، وعندها سيكون كل شيء خطيّاً ورسمياً». معتبراً بأن المسّ برواتب وحقوق العسكريّين المتقاعدين غير واقعي، كما على موظفي القطاع العام ان يترّيثوا بدورهم، وفي حال لم تتحقق مطالبهم، عليهم ان يثوروا وينتفضوا ويدعوا الى الاضراب المفتوح، لكن ما يجري اليوم يؤثر على الاقتصاد سلباً.
وعن إمكانية إقتطاع جزء من رواتب النواب والوزراء الحاليّين والسابقين كما يُردّد، أشار الى انهم لم يوافقوا على إقتطاع نسبة ال 50 في المئة، لكن نسبة ال 25 واردة، وعليهم ان يبدأوا بأنفسهم ويُظهرون حسن نيّتهم. كاشفاً انه سمع من بعض الوزراء إستياءهم ورفضهم إقتطاع جزء من رواتبهم، لانهم كانوا يقبضون رواتب جيدة جداً في عملهم السابق في القطاع الخاص، أي قبل توزيرهم، لكن اليوم ينالون نسبة اقل من عملهم الحكومي.
وعن الاقتراحات الضرائبية الوارد تحقيقها، لفت حبيقة الى ان الضريبة على الودائع المصرفية من 7 الى 10 واردة، وفي المقابل لا أرى أي تعديل على البنزين، اي زيادة الخمسة الاف ليرة مستبعدة، كما ان التركيز على تخفيض الانفاق مهم جداً.
وفي اطار الحلول الأفضل، دعا الى وقف الفساد والهدر في المرفأ والمطار، والى تخفيض الرواتب الخيالية لبعض المستشارين، فالبعض منهم ينال راتباً يفوق ال 30 الف دولار شهرياً، إضافة الى الأملاك البحرية التي تدّر الكثير للدولة. مشدّداً على وقف تمويل الجمعيات الخيرية الوهمية، ووقف إيجارات مباني الدولة المرتفعة جداً، وإعادة النظر برواتب أعضاء اللجنة الناظمة لقطاع البترول، اذ ان راتب كل عضو يصل الى 25 مليون ليرة.
وختم حبيقة: «في حال نفّذ كل هذا ضمن محاربة الفساد بصورة فعلية، والعمل على تخفيض الانفاق، والقضاء على التهريب في المطار والمرفأ، وإقفال الممرّات غير الشرعية بين لبنان وسوريا، فكل هذا سيُحسّن الوضع كثيراً في البلد».