فجأة، كأنَّ زلزالاً سياسياً ضرب البلد، فأدّت ارتداداته إلى تصدع من هنا وإلى انزلاق من هناك، والمسؤولون يقفون مؤهولين أمام هول ما جرى، لا يملكون لا خطة ألف ولا خطة باء حيال ما يجري.
على مستوى الإنتخابات النيابية، رئيس مجلس النواب نبيه بري متخوف من عدم إجرائها، ويتحدث، وفق ما يُنقل عنه، أنَّه يملك معلومات أنَّ هناك في الخارج وفي الداخل، من لا يريدون لهذه الإنتخابات أن تجري.
رئيس الحكومة سعد الحريري يُواجَه كلَّ يوم بحجم الخلافات السياسية وما يمكن أن تؤدي إليه من تعطيل للإنتخابات، فيجيب بأنَّ الخلافات لن تُعطِّل الإنتخابات التي ستجري مهما كانت الظروف وكل كلام عن تمديد أو تعطيل ليس له مكان في قاموسي.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الرئيس الحريري، وبعد جلسة مجلس الوزراء غادر بيروت إلى باريس في زيارة وصفت بالعائلية، لكن ما كان لافتاً أنَّ الرئيس الحريري غادر جلسة مجلس الوزراء وتوجَّه إلى مكتبه احتجاجاً على محاولات التدخل في صلب صلاحياته، ومن أبرزها إعداد جدول أعمال مجلس الوزراء، وللمصادفة فإنَّ الإعتراض جاء من وزيري حركة أمل:
وزير المال علي حسن خليل ووزير الزراعة غازي زعيتر. هذا الإعتراض هو بمثابة رسالة من الرئيس بري إلى الرئيس الحريري، الذي يأخذ عليه رئيس المجلس أنَّه وقَّع مرسوم الأقدمية وكاد أن ينشره لو لم تنفجر الإعتراضات عليه.
إذاً، الأمور ليست على ما يرام:
العلاقة بين بعبدا وعين التينة والسراي في وضع غير مطمئن:
اللقاءات مقطوعة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب.
وكذلك مقطوعة بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب.
ولأنَّ مجلس الوزراء، في معظم أعضائه، مؤلف من وزراء تابعين إما لبعبدا وإما لعين التينة وإما لبيت الوسط، فإنَّ خلاف الرؤساء سينعكس بالتالي خلافاً داخل مجلس الوزراء، واستطراداً، تعطيلاً لأعمال الناس، فمجلس الوزراء أول من أمس كاد أن يطير لو لم يلحق وزير التربية مروان حمادة بالرئيس سعد الحريري إلى مكتبه، لتهدئة الأمور وإعادته إلى الجلسة. وهنا تُسجَّل للوزير مروان حمادة هذه الخطوة، التي لولاها، لكان الرئيس الحريري غادر إلى باريس وهو معتكف.
ومن هنا إلى أين؟
الآن، لا أحد يملك الجواب، فما يجري في البلد هو نوع من الفوضى، ولأنَّ الأمور هكذا فإنَّ كلَّ المحطات والإستحقاقات المقبلة بحاجة إلى شيء من التأكيد، لأنَّ كلَّ استحقاق يتعرض للتشكيك في إمكان حصوله، لكن لا ننسى إطلاقاً أنَّ لبنان هو بلد التسويات في اللحظات الأخيرة.