رغم التفاؤل بتحسّن الاوضاع الاقتصادية، والعودة المرتقبة للمستثمرين الى لبنان في ظل تحرك الدورة السياسية، مع انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف الحكومة، ورغم خفض الفوائد على القروض المصرفية، لا تزال الاوضاع العقارية على حالها من الجمود. فما هي الظروف التي ينتظرها القطاع لتتحسّن اوضاعه ويعود اليه الانتعاش كما في السابق؟
وصف الخبير في المجال العقاري رجا مكارم وضع القطاع اليوم بغير المشجع، إذ يبدو ان الامور تسير نحو الاسوأ بسبب الاوضاع السياسية التي تتجه نحو الحضيض. وأكد انه طالما ان الوضع السياسي مضطرب وغير مستقر ولم يتفقوا بعد على قانون الانتخابات فنحن لا نرى في الافق اي تحسن في الاوضاع.
وعمّا اذا كانت الحركة السياحية المرتقبة في الصيف يمكن ان تنعكس ايجاباً على القطاع، قال مكارم لـ«الجمهورية»: ليس بالضرورة، لأن السياحة قطاع منفصل عن قطاع العقارات، وليس بالضرورة ان السائح العربي او الخليجي الذي سيزور لبنان لعدة ايام ستكون لديه الرغبة في الاستثمار في لبنان، وبالتالي، فإن الحركة السياحية لا تحرك القطاع العقاري.
برأيي لا شيء قادر على تحريك الوضع العقاري غير الاستقرار السياسي والاتفاق على قانون انتخابات، وانتهاء الحرب في سوريا حين ستبدأ ورشة اعادة الاعمار. هذه هي المحركات الاساسية للقطاع العقاري.
ورداً على سؤال، قال مكارم ان مشاركة لبنان في ورشة اعادة اعمار سوريا لا تحتاج الى تحضيرات مسبقة لأن المستثمر اللبناني سريع التكيف، وبمجرد ان يلاحظ ان الظروف بدأت تتحرك او تتغير ايجابيا فهو سيكون سباقاً في اقتناص الفرص.
عن المشاريع العقارية الجاري العمل عليها في لبنان راهناً، قال: في لبنان حاليا نحو 400 الى 500 مشروع قيد الانشاء في بيروت الادارية تتضمن شققاً سكنية، وقريباً ستطلق «رامكو» دراسة احصائية عن اسعار هذه الشقق، وقد تبين حتى الان ان اسعارها تبدأ من 3000 دولار للمتر المربع، كما تتضمن تحديد عدد المشاريع قيد الانشاء في بيروت الادارية.
وفي مقارنة للاوضاع العقارية، لفت مكارم الى انه في السابق، ومع انتهاء المشروع العقاري يكون 80 في المئة منه قد بيع، أما اليوم، ومع انتهاء العمل في أي مشروع عقاري، لا تتخطى نسبة المبيعات فيه 40 الى 50 في المئة، وهذه النتيجة تخلق مشاكل في السوق لأنها تتسبب بارتفاع المخزون.
علماً ان المستثمر او المطور العقاري لا يتمكن من بيع اي شقة من دون ان يجري حسومات على الاسعار تتراوح بين 20 الى 30 في المئة من سعر الشقة، لذا نحن نشهد اليوم سباقاً بين المطورين والعقاريين على قاعدة من يقدم حسومات اكثر من غيره ليتمكن من البيع.
وبنتيجة عرضه لواقع القطاع، اعتبر مكارم ان الفرصة سانحة اليوم امام من يرغب بشراء شقة بسبب الحسومات التي يجريها المطور بسبب الاوضاع السائدة، مؤكداً ان الاسعار سترتفع فور عندما تسمح الظروف بذلك.
من جهة اخرى، أكد مكارم ان خفض الفوائد على القروض السكنية من قبل مصرف ومؤسسة الاسكان لم تنعكس ايجابا عل القطاع، فالواقع ان هذه التخفيضات تحسّن وضع المشتري لكنها لا تحرّك السوق ولا تخلق طلباً في السوق. فمن يملك 25 في المئة من سعر الشقة وتنطبق عليه شروط الاستحصال على قرض سيتقدم ليحصل على قرض انما اليوم بشروط افضل.
دراسة رامكو
من جهة أخرى، وفي دراسة حديثة لشركة «رامكو»، تبين ان هناك 32 مشروعا قيد الانشاء في بيروت الادارية معدة للمكاتب فقط خلال شهر ايار، وتبلغ مساحتها 191.528 مترا مربعاً، مقارنةً مع ٣٤ مشروعا ذات مساحة إجماليّة بلغت ١٩٤،٨٦٣ مترا مربعا خلال شهر آذار ٢٠١٦.
وقد كشف البيان أيضاً أنّ السعر الوسطي الذي يطلبه المطوّرون للطابق الأوّل في مشاريع تطوير المكاتب قيد الإنشاء في الوسط التجاري يتراوح بين ٥،٢٠٠ و ٧،٠٠٠ دولار للمتر المربّع الواحد. وقد تركّزت غالبيّة (حوالي ٦٠٫٩١ %) هذه المشاريع في منطقة الأشرفيّة والتي إستقطبت ٢٠ مشروعا موزّعة على مساحة إجماليّة تصل إلى ١١٦،٦٥٨ مترا مربعا، أي بمتوسّط مساحة للمشروع الواحد تبلغ ٥،٨٣٣ مترا مربّعا تلتها منطقة غرب بيروت (٨ مشاريع ذات متوسّط مساحة تبلغ ٥،٤٢٨ متر مربّع لكلّ منها) ومنطقة الوسط التجاري (٤ مشاريع بلغ متوسّط مساحتها ٧،٨٦٢ مترا مربّعا).
وقد حدّد التقرير مناطق كورنيش النهر والعدليّة وبدارو كالأكثر نشاطاً في محيط منطقة الأشرفيّة، كما أشار التقرير إلى الإزدهار الذي شهدته مناطق الجناح والرملة البيضاء والأونيسكو حيث فاقت المساحة التجارية المتوفّرة للبيع الـ ١٧،٥٠٠ متر مربع.