Site icon IMLebanon

الهدف الحقيقي لمعركتَي القلمون والرمادي

تتَّضح أبعاد معارك الكرّ والفرّ، من حدود لبنان إلى سوريا فالعراق، أكثر فأكثر، يوماً بعد يوم، وتتكشّف أهدافها الحقيقية وأسرار الأثمان الباهظة التي تُدفع في سبيلها. وما إن انتهت سيطرة المعارضة المسلحة على إدلب وجسر الشغور، حتى شن النظام السوري و»حزب الله» هجوم القلمون، وما إن أعلنا إنتصارهما حتى اجتاحت «داعش» الرمادي في العراق.

لقد أصبح تقسيم العراق وسوريا مشروعاً تُرسم حدود الدويلات في كل بلد منهما بالمعارك العسكرية وحروب العصابات والسيارات المفخّخة وحمّامات الدم.

فبالنسبة الى سوريا، كانت المفاجأة إعلان موقع ايراني مقرّب من مركز القرار في طهران («فردا») عن «مشروع لتقسيم الدولة السورية»، وأن «مدينة حلب ستكون عاصمة لدولة شمال سوريا من دون الرئيس بشار الأسد».

وكشف التقرير الإيراني، للمرة الأولى، أن هناك تخوّفاً واضحاً ظهر أخيراً في الإعلام الإيراني حول مصير الأسد والدولة الإنتقالية في سوريا، خصوصاً من المقرّبين من الرئيس الإيراني حسن روحاني والتيار الإصلاحي بشكل عام.

وفيما اعتُبرت التطورات الميدانية الحساسة للمعارضة السورية في جسر الشغور وإدلب، خطوة أولى ومتقدّمة في خطة تقسيم سوريا، تخشى طهران من إعتماد حلب لتكرار تجربة «بنغازي – طرابلس» في ليبيا، وتشكيل دولة إنتقالية في شمال سوريا.

من هنا، وخوفاً من وجود مشروع تركي – سعودي لدخول دمشق بعد السيطرة على حلب، شنّ الجيش السوري و»حزب الله» معركة القلمون لقطع خطوط إمداد المسلحين ومنع تدفُّقهم من الشمال الى الزبداني، ما قد يُشكل تواصلهم ميدانياً مع مُسلّحي زهران علوش في الجنوب السوري، تهديداً بقطع المعبر البري الوحيد للنظام السوري وهو خط بيروت – دمشق، وبالتالي الإنقضاض على العاصمة السورية.

أما في العراق، فإن معركة الرمادي تأتي في السياق التقسيمي ذاته، خصوصاً بعدما أبلغ مسعود البرزاني الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته واشنطن قبل أسبوعين، أنه إذا لم يتلقَّ المال مقابل النفط من حكومة بغداد فإنه سينفصل بإقليمه عن العراق.

ويسود إعتقاد واسع في واشنطن أن العراق لن يعود الى ما كان عليه مهما أرسلت إدارة أوباما من أسلحة ودعمٍ جويّ، وإن التدخل الإيراني لن يزيد العراقيّين إلّا انقساماً مذهبياً، ولن يؤدي إلّا الى تقسيم العراق الى ثلاث دويلات، شيعيّة وسنّية وكرديّة.

أما في لبنان، فإن لعبة شراء الوقت بتعطيل الإستحقاقات وتكبير حجم الإقتراحات، يزيدان من خطر الرهان على المحاور الإقليمية وأحلام الحسم العسكري، لأن الحلول في النهاية لن تكون إلّا سياسيّة.