IMLebanon

واقع القنبلة الموقوتة  ومعادلة مؤتمر بروكسيل

مجلس الأمن الدولي المشلول بالانقسام بين الكبار عاجز عن وضع حدّ لحرب سوريا، وحتى عن المحاسبة على ما يوضع في خانة جريمة حرب. ومؤتمر بروكسيل الدولي حول مستقبل سوريا والمنطقة موحد في لعب دور كاريتاس وتقديم الحد الأدنى من المساعدات لمعالجة كوارث الحرب وتخفيف الأحمال الثقيلة على اللاجئين السوريين والبلدان المضيفة لهم. ولبنان الذي وصفه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمام المؤتمرين بأنه قنبلة موقوتة محكوم بالتكيّف مع الخطر الذي يعززه عجز مجلس الأمن، وبالرهان على نافذة فرصة تفتحها الدول المانحة للحؤول دون انهياره تحت الأعباء الثقيلة لاستضافة ما يوازي نصف اللبنانيين. فلا في يده نزع فتيل القنبلة، ولا اخراجها من أرضه. وليس له سوى البحث عما يحول دون تفجير القنبلة.

ذلك ان المعادلة في مؤتمر بروكسيل واضحة: الدول المانحة لا تستطيع اعادة النازحين الى سوريا، ولا تريد ان يغادروا لبنان للوصول اليها. وكل مؤتمر سنوي يذهب الى أبعد من المؤتمر السابق في تقديم الالتزامات المالية على الورق، ويعيد المستعجلين الى واقعية التسليم بأن الأزمة طويلة. فما صار من الماضي هو الأحاديث عن اقامة مخيمات للنازحين على الحدود اللبنانية – السورية أو داخل لبنان وسوريا. وما لا يزال مسموحا للبنانيين به هو اطلاق صفة نازحين على من تعطيهم الأمم المتحدة صفة لاجئين. والفارق كبير بينهما بالنسبة الى الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي. فضلا عن أن المعارك اللفظية شغالة بين دعاة العودة الطوعية للاجئين ودعاة العودة الحتمية والحريصين على العودة الآمنة، لكن الكل يعرف ان العودة بعيدة سواء كانت طوعية أو حتمية أو آمنة.

وليس أمرا قليل الدلالات ان يطالب لبنان مؤتمر بروكسيل بمساعدات تصل الى ١٢ مليار دولار على مدى سبع سنوات للانفاق على تحسين البنية التحتية التي تضررت من كثافة اللجوء وتحتاج الى تطوير. لا بل ان يصبح تأمين فرص عمل للاجئين وبالطبع للبنانيين جزءا من المشروع اللبناني بعد شكاوى في كل المناطق من مزاحمة السوريين للبنانيين على فرص العمل.

والمفارقة الكبيرة، وسط تجاوز اللاجئين الى دول الجوار وسواها رقم الخمسة ملايين، وارتفاع أعداد النازحين داخل سوريا الى ١٣،٥ مليون نازح، واعلان الأمم المتحدة ان ٧ ملايين سوري داخل بلادهم في حاجة الى الغذاء، هي تحرّك الأحداث عكس السير. فما تشهده سوريا هو نقل للسكان ونوع من التغيير الديموغرافي باتفاقات تفرضها الظروف وموازين القوى والحسابات الجيوسياسية. واذا كان المؤجل هو عودة اللاجئين الى ديارهم، فان المعجّل هو نزوح المقيمين.

والمسألة ليست مجرد لعبة أرقام، لا مالية ولا بشرية.