Site icon IMLebanon

القرار الأخير لمجلس الوزراء حول عرسال ذروة ما كان يتوقّعه “حزب الله” وحلفاؤه؟

سيطول ولا شك حبل التكهنات والتحليل حول أبعاد القرار الذي اتخذته الحكومة في جلستها الأخيرة والقاضي بتكليف الجيش إجراء التقويم الأمثل للوضع في عرسال توطئة للخطوة التالية، إذ أن البعض وجد فيه وصفة طبية للهروب من المشكلة وتأجيلاً بارعاً للخلافات والتناقضات، في حين أن البعض الآخر سيجد فيه إلقاء من السياسيين لكرة النار في حضن المؤسسة العسكرية.

لكن الثابت في رأي أوساط قوى 8 آذار انه لم يكن بالامكان أفضل مما كان، ولم يكن يُنتظر قرار آخر في ظل التوازنات والتناقضات داخل الحكومة الحالية، وأن هذا القرار هو ذروة ما كان يتوقعه “حزب الله” وحلفاؤه إذ أنه يحقق في طياته جملة أهداف ومقاصد يصبو اليها الحزب في الأصل أبرزها:

– ان القرار، وإن كان حمّال اوجه، فهو في العمق إقرار بوجود إشكالية على الحدود الشرقية للبلاد على نحو يناقض توجهات ومساعي بذلها معارضو الحزب لترسيخ مقولة أن الوضع في تلك المنطقة الطرفية لا يحتاج الى أي اجراءات أو تدابير أو استنفار، فهو أمر يفتعله الحزب لكي يغطي على ذهابه الى حيث لا ينبغي أن يذهب. وعليه فإن القرار المتخذ للتو إقرار جلي بأن ثمة مشكلة على الحدود توشك أن ترقى الى مصاف الأزمة الوطنية.

– إن القرار زاد حراجة موقف خصوم الحزب الذين سارعوا منذ البداية الى وضع خطوط حمر حول عرسال متعهدين العمل على منع أي مساس بها.

– إن القرار هو في ذاته ثمرة من ثمار سعي الحزب الى وضع الجميع بلا استثناء أمام مسؤولياتهم الوطنية بعدما كان البعض يعتبر نفسه غير معني وأن الأمر لا يعدو كونه مشكلة الحزب حصراً وأن عليه أن يقلع شوكه بيده.

– الأهم من ذلك أن في طيات القرار الحكومي ما تراه أوساط على تماس بالحزب إقراراً ضمنياً بالمهمة التي انتدب الحزب نفسه لها في جرود عرسال والتي بدأت عملية قضم منظمة لهذه الجرود التي كانت حتى الأمس القريب ملاذاً آمناً للمجموعات الارهابية تتحرّك فيه.

ولا تخفي المصادر تلك أن هذا أقصى ما كان الحزب يطمح اليه لحظة فتح أبواب المواجهة على مصراعيها في القلمون، ممهداً لها بحملة ضغط في الداخل عنوانها العريض عدم الاكتفاء بحدود القلمون السورية بل انه يسعى الى ابعاد المسلحين من جرود عرسال، وأن على الجميع بمن فيهم الحكومة والجيش التصدي لمهمة تحرير الجرود اللبنانية قبل أن يشرع هو في القيام بما يعتبره واجباً وطنياً يعادل تحرير الأراضي المحتلة.

وهكذا يعتبر الحزب نفسه انه نجح في مهلة زمنية قصيرة في الحسابات الاستراتيجية في فرض أمر واقع ميداني – سياسي – اعلامي أفضى الى اسقاط كل المناخات التهويلية التي اثارها مسبقاً خصوم الحزب ساعة اندفعت مجموعاته في عمق جرود القلمون ثم الى عمق جرود عرسال لتبلغ ما بلغته ميدانياً.

ولا تخفي المصادر إياها ان حملة الضغط التي مارسها الحزب اعطت ثماراً ميدانية مهمة، فهي فرضت استنفاراً مضاعفاً لدى الجيش، وفرضت أيضاً استنفاراً سياسياً واسعاً حرم المسلحين فرصة اللجوء الى داخل عرسال حيث كان يمكن ان يفرضوا واقعاً صعباً ومعقداً وباهظ التكاليف.

وهكذا يجد الحزب نفسه بعد مضي نحو 20 يوماً على فتحه جبهة القلمون انه بدأ يحصد نتائجها الايجابية، خصوصاً ان خصومه وبعض حلفائه ادرجوا هذه الحرب في خانة المغامرة غير المحمودة العواقب، ومن هذه النتائج:

– تبديد كل المخاوف التي اثيرت في وجه الحزب محذرة إياه من احتقانات داخلية قد تنفجر هنا أو هناك بين لحظة وأخرى.

– ان الحزب، وضع خصومه بين أمرين احلاهما مرّ، فاما القبول بالأمر الواقع الذي فرضه، وإما الظهور بمظهر المدافع عن الارهاب وتنظيماته.

– إن الانجازات الميدانية السريعة التي حققها مقاتلوه اسقطت رهانات الخصوم على انه سيصل الى مرحلة يصير فيها أمام عملية استنزاف طويلة في منطقة وعرة تعج بعدد كبير من المقاتلين على درجة عالية من الحرفية والخبرة القتالية.

– أكثر من ذلك تضييق هامش التحرك والمناورة أمام الارهابيين على نحو وضع عرسال نفسها في الضوء وجعلها تحت مجهر التجربة ومحك الاختبار، وبالتالي وضع كل الاطراف أمام مسؤولياتهم.

بالطبع هناك كثر أوغلوا في شعاب الحديث عن الجوانب الايرانية والسورية في مهمة الحزب في القلمون وجرود عرسال معتبرين انها أتت أولاً وأخيراً لانقاذ النظام في دمشق ولانقاذ التوجهات الايرانية في الساحة السورية، لاسيما بعد سلسلة التراجعات للجيش السوري أخيراً. إلا ان الثابت لدى الحزب انه بخطواته الميدانية الأخيرة أوشك ان يسد آخر المنافذ اللبنانية أمام خصومه وأمام اعداء النظام في دمشق على الداخل السوري وهي المنافذ التي انفتحت في بداية اشتعال فتيل الأزمة في الساحة السورية. وفي الوقت عينه كرس الحزب واقعاً سياسياً جديداً سجل خلاله نقاطاً عدة على خصومه في الداخل اللبناني، معتقداً أن نتائجها ستظهر تباعاً عاجلاً أم آجلاً.