IMLebanon

الحرب القريبة مع إيران

   

الحال أقرب إلى الحرب مع إيران أكثر من أي وقت مضى؛ عقوبات أميركية تاريخية لا تبدو كافية، مع إدارة مستعدة للخيار العسكري، واختبارات إسرائيلية ناجحة في سورية، مع رئيس وزراء يوشك على كسب انتخابات الشهر المقبل.

والحرب، إن اندلعت مع إيران، لن تحتاج إلى إنذار مسبق، ولا إذن من الكونغرس، فالظروف الحالية أقرب إلى عملية عسكرية خاطفة؛ كصد هجوم أو ضربة استباقية. وفرص التحرش الإيراني تبدو واردة، وخسائر النظام قد تدفع جنرالاته ورجال دينه المتهورين إلى مقامرات مكلفة، خاصة في ظل أجواء مشحونة في مياه الخليج العربي وأراضي الشام، ففي الأولى تعطيل رسمي لممرات نفطها، وزحام سفن أميركية وقوارب عسكرية إيرانية، وفي الثانية نتيجة فادحة بطردها من أهم استثماراتها السياسية والعسكرية.

 

الحرب مع إيران قد تبدو للوهلة الأولى مكلفة جداً، لكن النظام غير قادر على إطالة أمدها، وردوده ربما تكون محدودة، خشية تعرضه لضربات أعنف، تدفع المعارضة إلى الشارع، وتهز كيانه أو تسقطه. وعلى رغم ذلك، لا تسعى دول المنطقة إلى الحرب؛ لأن ردود طهران، وإن بقيت محدودة، لن تصيب سواحل أميركا، وتحرك ميليشياتها لن يؤذي إسرائيل كثيراً، ولذا ستقتصر على الخليج العربي، إن كانت لديها المقدرة على ذلك، خاصة مع دولتين مثل السعودية والإمارات بتسليح دفاعي هائل، علاوة على جاهزية أميركية كبيرة في الكويت والبحرين وقطر، وفي الأخيرة أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط.

 

ربما تكون الأسابيع القليلة المقبلة أكثر وضوحاً. مع شهر أيار (مايو) المقبل، تنتهي فترة استثناء 6 أشهر منحتها الإدارة الأميركية لثماني دول تشتري النفط الإيراني، وعندها يتم تصفير صادراتها، وذلك يحدث في وقت يزهو فيه الرئيس ترامب بزوال أخطر تهديد قضائي واجهه، ومثله رئيس الوزراء الإسرائيلي المهيأ لانتصار في انتخابات الـ9 من نيسان (أبريل) المرتقبة.

 

لقد أقدم الرئيس ترامب على خطوات لم يجرؤ عليها رؤساء من قبله. وعلى رغم أن الحرب ليست مشروعاً من مشاريعه المستعجلة، إلا أنها حلّ يؤمن به مستشاره جون بولتون لتقويم سلوك النظام أو تغييره، يهيئ أسبابها ويدفعه إليها. ولأن لكل حرب تداعيات، فعام 2019 الحالي أخفّ وقعاً من عام 2020، إذ إنه عام انتخابات لا يحتمل المغامرات.

 

ولذا، نجد جنرالات إيران يخفون قلقهم من صرامة الإدارة الأميركية بتكثيف التصريحات، والرئيس ترامب لا يعيرها انتباهاً، ولكن عندما أطلق الرئيس روحاني تهديداً بعدم «اللعب بالنار» في الصيف الماضي، أجابه فوراً بتهديد أكبر من مواجهة «تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ»، في حال أعاد الكرةّ وهدد واشنطن. اللافت في شجاعة الرئيس الإيراني أن سمّى النزاع مع بلاده بـ «أم المعارك»، وتلك تسمية مستعارة من قائد متهور سحق في المرة الأولى، واقتلع في الثانية.