Site icon IMLebanon

عودة الروح واسترداد لبنان 

 

الخائفون من الثورة الشعبية السلمية في ورطة. وليس من المفاجآت أن يصل الخوف إلى حدّ الهلع. فلا محاولات الاحتواء أقنعت الشباب بأن “الستاتيكو” الحالي يضمن الاستقرار الكافي لتحقيق بعض المطالب. ولا اللجوء إلى سلاح التشويه والتزوير نجح في الحدّ من مدّ الحراك الذي توسع وتعمّق.

 

وأكثر ما يخيف التركيبة السياسية هو بداية التحوّلات في البيئة السياسية والوطنية والتي يمكن اختصارها بثلاث نقاط.

 

النقطة الأولى أنّ الثورة شاملة وعابرة للطوائف والمذاهب والمناطق. فلو كان طابعها طائفياً ومذهبياً لما تخوّف منها أمراء الطوائف، ولا تردّدوا في التفاهم على تلبية مطالبها. ولو كنا في مسرح اللامعقول لما شهدنا مسرحية أكثر عبثية من مشهد أمراء الطوائف يرفعون شعار الدولة المدنية من مواقعهم الطائفية والتي لولاها لما وصلوا الى هذه المواقع.

 

والثانية أنّ الشباب الثائر لم يستمع إلى الدعوات التي يطلب أصحابها البقاء في إطار المطالب المعيشية والاقتصادية من دون أية مطالب سياسية. فالثورة سياسية بامتياز، لأنّ من الوهم تحقيق المطالب المالية والاقتصادية والاجتماعية على يد الطاقم الذي ساهم في الأزمات ومن دون تغيير في السلطة والإدارة السياسية لها. فالأزمات هي البقرة الحلوب التي تضمن الإثراء للنافذين. ومن باب الخبرة والعلم يقول البروفسور جون روبنسون من كامبريدج: “لكل مشكلة سياسية سبب اقتصادي، ولكل مشكلة اقتصادية حلّ سياسي”.

 

ويرى امارتياسن الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد: “أنّ تفادي الكوارث الاقتصادية يصير أسهل بوجود الحريات والحقوق السياسية”.

 

والثالثة هي البعد الوطني الذي تأخذه الثورة الشعبية. فمن اهتماماتها استعادة لبنان من خاطفيه.

 

وما فعلته هو شيء من استرداد الساحات وسط بيروت كمكان للقاء اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق كما كانت الحال قبل الحرب. وهو عودة الروح الى لبنان. فلا اقتصاد ولا سياسة ولا سيادة من دون وطن حرّ. وأساس مطالب الثوار بناء دولة الحق والقانون التي تضمن الأمن والحرية والاقتصاد.

 

الثورة مستمرة، ولو خرج الشباب من الساحات. وهي كثورة شعبية سلمية تربح بالنقاط لا بالضربة القاضية. وما حقّقته من ربح لن يلغيه هلع الخائفين