Site icon IMLebanon

رفض الزواج المدني موقف خاطىء

 

موضوع الزواج المدني الاختياري، ليس موضوعاً هامشياً، كما يحب البعض ان يصفه، ولا هو من «التابوات» او المحرّمات التي يجب عدم الاقتراب منها، لأنها تزعج هذه الطائفة او تلك. او تزعج رجال الدين على مختلف طوائفهم ومذاهبهم، ليس لأن الزواج المدني تحرّمه الاديان، بل لأنه يفتح الطريق امام قيام دولة مدنية حقيقية، في النصوص، والممارسة، ولأنه يعيد رجال الدين الى كنائسهم، وجوامعهم، كما هو الحال في الاكثرية الساحقة من الدول، مسيحية كانت او اسلامية، التي فصلت بين الدين والدولة، وتركت لكل جهة ان «تشتغل شغلها».

 

هناك العديد من رجال الدين المسيحيين والمسلمين، الملتزمين بدينهم، يعرفون جيداً ان الزواج المدني، هو وجه من وجوه الحريّة الشخصية المصانة في القوانين والدساتير والشرائع على قاعدة ان «لا اكراه في الدين»، وقد جاهروا بمواقفهم هذه في لبنان وغير لبنان، ومن المفيد ان نذكّر رجال الدين في جميع الطوائف والمذاهب بالفقرة «ب» من مقدمة الدستور التي تنصّ على ان «لبنان عربي الهوية والانتماء» ولم تنصّ انه مسلم أو مسيحي، كما ان القوانين والدستور لم يعطيا رجال الدين حق النقض «الفيتو» على التشريعات التي تصدرها الدولة، عندما ترى ان مصلحة البلاد في أخذ هذا الموقف او هذا التعديل، كما انه لا يحق لوزير ان يلغي تدبيراً نافذاً قانونياً، بقرار شخصي منه، كما فعل وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، عندما الغى قرار وزير الداخلية الأسبق العميد مروان شربل، الذي سلك مسلكاً قانونياً يسمح بالزواج المدني الاختياري، وليس الاجباري في لبنان، بدلاً من تحميل الراغبين بالزواج مدنياً اعباء مالية والسفر الى خارج لبنان والزواج مدنياً، وتلزم دولة لبنان بتسجيل زواجه، ويضع رجال الدين المتوافقون على رفض الزواج المدني، امام الامر الواقع.

 

إن وسائل الاعلام في لبنان، على مختلف انواعها، لطالما كشفت بعض الاحكام الصادرة عن المحاكم الروحية، التي لا تليق وتتناقض مع تعاليم الاديان، ومع ما يفترض ان يكون عليه رجل الدين، وحالات الطلاق التي ترتفع نسبتها باستمرار، لا تؤشر الى ان الزواج الديني افضل من الزواج المدني، والمهم في الزواج المدني بين المختلفين دينياً، انه يقرّب بين الاديان والعائلات، ويخفف من التعصّب، واودّ في هذا المجال أن أشيد بالانفتاح لدى رجال الدين الشيعة والموحّدين الدروز، وعدم تصلّبهم بالرفض، بالاضافة طبعاً الى عدد لا بأس به من رجال الدين المسيحيين، الذين اعلنوا صراحة عندما وافق مجلس الوزراء ايام ولاية الرئيس الراحل الياس الهراوي على السماح بالزواج المدني الاختياري، انهم يفّضلون الزواج الكنسي لكنهم يحترمون رغبة الذين يريدون الزواج مدنياً.

 

الزواج المدني مطلب محقّ، ورفضه موقف خاطىء.