بعدما فوَّت السياسيون الفرصة: لبنان 2016 يواجه التحدّيات الصعبة
المنطقة تواجه زلزال التقسيم وبرّي يحذِّر من استمرار اللعب على حافة الهاوية
حركة برّي وجنبلاط تراجعت في الآونة الأخيرة فيما حزب الله لا يُريد للتسوية أن تنجح قبل جلاء صورة المنطقة..
حرص الرئيس نبيه برّي، عشية العام الجديد، على إعطاء صورة قاتمة عما يحمله هذا العام من تطورات دراماتيكية، على صعيد المنطقة برمّتها، وكأنه أراد بذلك أن يبدّد ما يراهن عليه البعض على اختراق للأزمة الرئاسية التي مضى عليها قرابة السنتين، وهي تتخبّط بين انقسام الداخل وتراكم الاستحقاقات الإقليمية بدءاً من الجار الأقرب سوريا مروراً بالعراق الذي لا يزال ينزف دماً وصولاً إلى اليمن.
وكلامه عن التحديات الإقليمية والتطورات المتسارعة التي لا يمكن التكهّن بنتائجها على حدّ قوله يحمل في طيّاته دعوة واضحة إلى السياسيين قبل اللبنانيين، بوجوب التوقّف عن اللعب على حافة الهاوية، كما كان حالهم في العامين الماضيين والتقاط الفرصة لإبعاد بلدهم عن هذه التحديات وما تحمله من تطوّرات خطيرة وذلك بالتعاطي مع مطلع العام بمسؤولية لإنجاز الإستحقاقات الداهمة وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي الذي من شأنه أن يحصّن المؤسسات الدستورية والاستقرار العام وفق ما نقل عنه النواب في لقاء الأربعاء (أمس) في وجه زلزال إعادة رسم خارطة جديدة على أنقاض خارطة سايكس بيكو التي قسّمت الإقليم إلى دول وكيانات متعدّدة، متباعدة، سهّلت في ما بعد قيام دولة إسرائيل.
هذا الكلام الخطير لرئيس مجلس النواب الذي وضع كل رصيده السياسي لإعادة الروح لطاولة الحوار الوطني ولجمع الفرقاء حول خارطة طريق للإنقاذ تبدأ بانتخاب رئيس جمهورية وتحصين المؤسسات الدستورية والاستقرار العام، سمعه منه اللبنانيون والقادة الذين يجتمعون حول الطاولة أكثر من مرّة، ولا سيما ذلك الكلام الأخطر المتعلق بما يدبّر للمنطقة من مخططات تذكّر باتفاق سايكس بيكو وبشكل آخر، أي تقسيم المقسّم، لكن الخلافات الداخلية المستحكمة جعلت القيادات السياسية تتجاهل تحذيراته وتمضي في البحث عن مصالحها ومواقعها، إلى أن وصلت الحالة إلى ما وصلت إليه من تأزّم على كل المستويات بما فيه الخطر الداهم على الجمهورية نفسها.
وحده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من بين هؤلاء القادة التقط إشارة الرئيس برّي، وأقام جسراً بين كليمنصو وعين التينة، هدفه الأول والأخير التواصل مع كل الأطراف السياسيين من أجل الوصول إلى تفاهم في ما بينهم لإنجاز الاستحقاقات بدءاً بانتخاب رئيس جمهورية يُعيد انتظام المؤسسات الدستورية ويحصّن الاستقرار العام في وجه التحديات الإقليمية والتطورات المتسارعة التي يلتقي فيها مع الرئيس برّي وأخطرها على الإطلاق مخطط إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة على أنقاض سايكس بيكو.
وما يجدر التوقّف عنده، هو تراجع حركة برّي وجنبلاط في الآونة الأخيرة ومساعيهما من أجل التوصّل إلى تسوية تسرّع في انتخاب رئيس جمهورية قبل حلول العام 2016، وذلك على أساس المبادرة التي أطلقها زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري وبمعزل عن السلّة الكاملة التي يُطالب بها أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، قبل أن يُعيدا التحذير مما يُحضّر للمنطقة من مخططات ورسم خرائط جديدة على غرار أو على أنقاض سايكس بيكو للتدليل على الأخطار التي تُحدق بلبنان والتي لا يزال اللاعبون يتجاهلونها وكأنهم أصبحوا جزءاً من تلك اللعبة الدولية التي تُمارس في المنطقة.
وتشهد التطورات الداخلية التي شهدتها البلاد في الأيام القليلة الماضية على صعيد المساعي القائمة لإنجاز التسوية الرئاسية في أسرع وقت ممكن حراكاً داخلياً، ومنها الموقف الذي أعلنه حزب الله الذي يُعتبر لاعباً أساسياً بل اللاعب الأساسي في عملية فك أسر لبنان، من الصرح البطريركي الماروني، في شأن التسوية المطروحة لإبعاد هذا البلد عن حريق المنطقة وعلى أن الحزب لا يريد لهذه التسوية أن تنجح، في انتظار جلاء الصورة إقليمياً، وبكلام آخر أنه يُريد أن يبقى لبنان ورقة تُستخدم في اللعبة التي تُمارس على مساحة الإقليم.