Site icon IMLebanon

المنطقة تمرّ في مرحلة “كباش” حقيقي

 

هناك مقاربتان مختلفتان بالنسبة إلى انعكاسات العقوبات الأميركية على إيران وحلفائها، ولا سيما على “حزب الله”. وما إذا ستساهم في تغيير سلوكهم أم لا.

 

المقاربة الأولى، تقول أن العقوبات لن يكون لها تأثير فوري، لكن حتماً سيكون لها تأثير بعد مرور وقت عليها، وبعد إنقضاء مهلة الأشهر الستة لإعفاء الدول الثماني من الإلتزام بها. وتشير أيضاً، إلى أنه ليس من الضروري أن تقول واشنطن مباشرة بتغيير النظام. على إعتبار أن تغيير السلوك قد يؤدي إلى تغيير النظام، طبعاً مع انعكاسات العقوبات على الناس. وتوضح هذه المقاربة، بحسب مصادر ديبلوماسية، أن التشدد في موقف “حزب الله”، في مرحلة تشكيل الحكومة، يدل على أنه في مأزق جدي، وما مطالبته بوزارة الصحة سوى لتمكينه من تقديم الخدمات حسب نظرته إلى هذا الأمر. صحيح أن العقوبات ليست قريبة المدى في تأثيرها، لكنها حتماً مع الوقت ستكون موجعة وستؤدي إلى ما هو مطلوب منها. الولايات المتحدة لم تنكفئ عن ملفات المنطقة كما يشاع إنما وجودها في سوريا سيفرض حلاً يناسبها.

 

أما المقاربة الثانية فتقول أنه من أبرز المصاعب التي تواجه الإدارة الأميركية في تنفيذ سياستها تجاه إيران، وهي الوحيدة الواضحة من بين ملفات المنطقة برمتها والتي تأتي العقوبات في إطارها، هي نفسها المصاعب التي تواجه حلفاء واشنطن، نتيجة إرادة الأخيرة الإبتعاد عن المنطقة، وهنا تأتي ترجمتها عبر التأثير على النفوذ الأميركي بالإنكفاء لمصلحة الأطراف الأخرى.

 

وبحسب المصادر، فإن العديد من حلفاء واشنطن لديهم مصاعب، وبات معروفاً وضع كل من لبنان والعراق وسوريا ثم ما يحصل في غزة الآن، وغير ذلك من أمور، بحيث أنه توجد تغييرات على الأرض، تصب في مصلحة روسيا وإيران أكثر من مصلحة الولايات المتحدة ونفوذها. “الكباش” قائم بالتوازي مع العقوبات على إيران و”حزب الله”. وفي سياق “الكباش” القائم، والواقع على الأرض، لا يبدو أن إيران وحلفاءها سيقدمون تنازلات على المدى المنظور، وقرار إبتعاد الولايات المتحدة عن الساحة في الشرق الأوسط أدى إلى غياب التوازنات على الأرض.

 

ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل مقبلة على الإنتخابات والارجح انها ستجرى في حزيران المقبل. وأمامها مشكلتان، الاولى استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، ثم التحقيق بالفساد في ما قام به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. أي أن هناك تغييرات داخل البيت الإسرائيلي، حليف واشنطن، وهو الأمر الذي يجب إنتظار إتضاح صورته.

 

فضلاً عن ذلك، إن توجهات تركيا ليست معروفة حول ما إذا كانت أيضاً حليفاً للولايات المتحدة، أو مناصراً، والمصادر، تعتبر أنها “تلعب” على كل الحبال لضمان نفوذها ومرجعيتها. وأهم رابط أميركي – تركي هو عبر المؤسسة العسكرية التركية بواسطة حلف “الناتو”.

 

وفي ضوء كل هذه المعطيات على الأرض، تطرح المصادر السؤال، ما هو الضغط الذي تتعرض له إيران و”حزب الله” والذي يجعلهما يتراجعان عن تعزيز قراراتهما وتشديدها؟ ويضاف إلى تلك المعطيات، أن الإتحاد الأوروبي ليس في وارد الرجوع عن الإتفاق النووي. وعلى الرغم من موقف واشطن وتحالف الإتحاد معها، إلا أنه يسعى إلى آلية لتخطي العقوبات على إيران وللإبقاء على العلاقة السياسية إذا لم يتمكن من إبقاء شركاته للإستثمار فيها.

 

وبالتالي، وفي ضوء كل ذلك، ما هي الأسباب الموجبة لإيران لتغيير سلوكها أو سلوك حلفائها؟ وفي ظل هذا “الكباش” القائم أليست مضطرة لتقديم تنازلات؟ وهنا، تشير المصادر إلى أنه في البداية، تستهدف العقوبات عملياً الشعب الذي هو غير مسؤول عن تصرفات حكامه. فالعقوبات على العراق اضعفت الشعب العراقي، ولم يخرج صدام حسين من السلطة إلا نتيجة ضربة عسكرية بعد الخطأ الذي انتاب اداءه في إجتياحه للكويت، ولعل الخوف أن تعزز السلطة في إيران تمسكها بمواقفها على حساب أوضاع شعبها.

 

والآن هناك ترقب لمن سيصرخ قبل الآخر، في الوقت الحاضر لا تساهل مع تنفيذ العقوبات، ويوجد تجديد للعقوبات الأوروبية على روسيا أيضاً نتيجة الموقف من أوكرانيا. ووسط ذلك، هناك “مبادرة أميركية” سميت صفقة القرن لتغطية القضية الفلسطينية، ولتغيير الوقائع على الأرض، بالتزامن مع صمت دولي مدوٍّ. وإن إطار العلاقات الدولية الذي رسم بعد الحرب العالمية الثانية تتغير معالمه الآن، مضافاً إلى انعكاسات الإرهاب وحركات مهاجرين وتغيير مناطقي، ما يدفع إلى التساؤل حول مدى إستعداد الإسرة الدولية لمواجهة التحديات.