Site icon IMLebanon

الفصل الاقليمي والدولي من التسوية في سوريا

 

روسيا تدير اللعبة في سوريا بالجمع بين ثلاثة أدوار: المهاجم، حارس المرمى، والحكَم. وليس ذلك سهلا مهما تكن جرأة المغامرة والبراعة الاستراتيجية والتاكتيكية للرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف. وقمة المفارقات أن تتولى الدول الاقليمية والدولية التي تشارك في حرب سوريا مهمة ترتيب تسوية سياسية عبر ثلاثة مسارات: محادثات جنيف حيث المرجعية قرارات مجلس الأمن والاشراف الرسمي للمنظمة الدولية والفعلي للراعيين الروسي والأميركي. محادثات استانة حيث خليط العسكر والسياسيين للبحث في اقامة مناطق خفض التصعيد بضمان موسكو وطهران وأنقرة. ومؤتمر سوتشي الذي هو كرنفال شعبي ينظمه الروس بمساعدة الايرانيين والأتراك على أمل ان تشارك فيه الأمم المتحدة. وعلى الطريق كلام تركي على اجتماع في أنقرة يضم الدول التي لها رؤية مشتركة حول سوريا.

لافروف الذي يلعب منذ سبع سنوات دور المحامي عن النظام، والممسك ببعض المعارضة، والمتلاعب بثلاثة وزراء تعاقبوا على الخارجية الأميركية، يربط بين جنيف واستانة وسوتشي كمحطات على طريق التسوية. لكن ما حدث الى الآن، ليس حتى بدء تفاوض مباشر وجدّي على تسوية سياسية.

مجرد محادثات غير مباشرة تدار بالمناورات الاجرائية والمعارك من خلال الاعلام. فلا المناخ على الأرض في سوريا مناخ البحث عن خيار سياسي وسط الاندفاع في الخيار العسكري. ولا قفز موسكو الى طرح ورقة الدستور والانتخاب سوى هرب من البحث في الانتقال السياسي الذي هو الباب الى التفاهم على مستقبل سوريا ونوع النظام ثم يصاغ الدستور وتجرى الانتخابات.

الواقع ان ما يدور حاليا على الارض وفي الكواليس هو معركة ما قبل التسوية بين السوريين. معركة ترتيب النفوذ الاقليمي والدولي وتثبيته، اي معركة الترجمة الاقتصادية والجيوسياسية للادوار العسكرية. منطقة النفوذ الروسي في ما يتجاوز قاعدتي حميميم وطرطوس. منطقة النفوذ الاميركي مع القوى الكردية في الشمال والشرق. منطقة النفوذ التركي في الشمال. ومنطقة النفوذ الايراني، بأبعد من ضواحي دمشق وبعض القلمون المتصل بلبنان وعلى مسافة ما من جبهة الجولان. ولا مجال لاستمرار الوضع الحالي في ادلب التي جرى تكديس المسلحين المتشددين الارهابيين فيها. وليس ما تحرزه القوات الحكومية من تقدم في اماكن خاضعة لجبهة النصرة وسواها في ريف حماه وريف ادلب سوى عملية لتنظيم موقع النظام الجغرافي وتثبيته.

ولا أحد يعرف متى يبدأ بالفعل الفصل السوري من التسوية السياسية بين النظام والمعارضين. لكن الخبير الروسي في العلاقات الدولية فلاديمير فرولوف يرى ان التحدي الاكبر امام موسكو في العام ٢٠١٨ هو خطر انهيار التسوية السياسية الذي سيقلل قيمة النصر العسكري.