IMLebanon

حاجة المنطقة الى خدمة  المطار، المرفأ، والمصارف

بيروت المحكومة بالإرتهان تحت عنوان الرهان على كل الأدوار الخارجية تلعب دوراً يحتاج اليه أصحاب الأدوار. وهو بالطبع يتجاوز رمزية المشهد على أرض المطار كنقطة عبور لتنفيذ صفقة بين النظام السوري والمعارضة المسلحة برعاية الأمم المتحدة: إخراج جرحى الزبداني المحاصرين الى تركيا عبر بيروت، وإخراج جرحى الفوعة وكفريا المحاصرين الى دمشق عبر مطار تركي ثم عبر بيروت. وليس المشهد سوى واحد من مشاهد يومية اقل دراماتيكية منه. فلا كل رأسمال لبنان هو الجغرافيا المفتوحة على أكبر لعبة صراع جيوسياسي في المنطقة تشكل سوريا مركزه الأهم. ولا البؤس السياسي الذي يتحكم بنا يختصر الصورة المتعددة الوجوه في الوطن الصغير.

ذلك أن السؤال اليومي الحائر هو: ما الذي يجعلنا نتمتع بالحدّ المقبول من الاستقرار والأمن في بلد كان بلا دولة فصار بلا سلطة، حيث رئاسة الجمهورية شاغرة، والمجلس النيابي الممدّد لنفسه عاطل عن العمل، ومجلس الوزراء معطل؟ كيف لا يهتز شيء ولا موقع، وسط أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية، وفجور في ممارسة الفساد وتوزيع الحصص، ووقاحة في السطو على ما بقي من المال العام، واللامبالاة حيال وصول الدين العام الى ما يتجاوز سبعين مليار دولار؟ ما الذي يمنع انفجار الوضع الداخلي برغم الشحن الطائفي والمذهبي، كما هي حال المنطقة المشتعلة من حولنا؟ وكيف نوفق بين المشاركة في حرب سوريا والإنخراط في صراع المحاور والمشاريع الإقليمية وبين خطاب النأي بالنفس.

الأجوبة متعددة طبعاً، من الإتكال على دور الجيش والقوى والأجهزة الأمنية في ضبط الأمن وتفكيك الخلايا الإرهابية الى الحديث عن حكمة الزعامات وذاكرة الحرب ومآسيها لدى اللبنانيين. ومن غياب الوظيفة السياسية للإنفجار في لبنان ما دامت الحروب تعمّ المنطقة والقوى الإقليمية والدولية منخرطة فيها الى انشغال اللبنانيين بأمور أكبر منهم.

ومن الصعب اعتبار هذه الأجوبة كافية، وان كان لكل منها نصيب من الصحة. فالعامل المهم في ضمان الحد المقبول من الإستقرار والأمن هو حاجة القوى المتصارعة الى الحفاظ على أربعة مرافق لاستخامها: المطار، المرفأ، المستشفيات والمصارف. فضلاً عن كون بيروت مدينة مثالية لأجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية من اجل مراقبة ما يدور في المنطقة ومعرفة ما يخطط له كل طرف. والبعض يختصر ذلك بالقول ان لبنان يقوم هذه المرة فعلاً بدور سويسرا الشرق. ففي الحرب العالمية الثانية حافظت الدول الأوروبية المتحاربة على حياد سويسرا من أجل الخدمات التي تحتاجها تلك الدول. وفي حروب المنطقة فإن الكل في حاجة الى خدمات يقدّمها لبنان.