IMLebanon

أميركا أيضاً صابرة استراتيجياً

 

لأميركا ولإدارة جو بايدن، صبرهما الاستراتيجي أيضاً. لا يحتكر المرشد الإيراني علي خامنئي لوحده هذه المعادلة، فهو يتشارك بها مع إدارة بايدن، التي تمخضت فولدت غارات صورية على مواقع أذرع ايران، بعد أسبوع كان كافياً لإخلائها، فلم يمت الذئب ولم يفنَ الغنم.

 

قصة الصبر الاستراتيجي في العلاقة بين أميركا وإيران قديمة، وثابتة. في العام 1979 وصل الإمام الخميني، في طائرة «إير فرانس» إلى طهران، وأسقط نظام الشاه، وأسبغ على أميركا تسمية الشيطان الأكبر. ومنذ ذلك التاريخ افتتحت الثورة الاسلامية، رقصة التانغو مع الشيطان، فنامت معه في سرير واحد مرات ومرات.

 

إفتتحت إدارة رونالد ريغان، عصر البراغماتية الأميركية في التعامل مع طهران، فكانت صفقة إيران كونترا التي مولتها المخابرات الأميركية، والتي بموجبها وصل السلاح الإسرائيلي إلى طهران، برحلات جوية مباشرة، بين تل أبيب ومطار مهرباد.

 

إستمر شهر العسل الإيراني مع الثورة الإسلامية، ولم يشوشه إغراق الطيران الأميركي لبعض قطع الاسطول الإيراني، بعد التحرش الإيراني بناقلات النفط في مضيق هرمز. كان ذلك حدثاً عرضياً، أعقبه انضباط إيراني تام وناجز، وبعدها لم تسجل أيّ مواجهة أميركية – ايرانية، بل تعاونت الدولتان في أكثر من محطة مفصلية، أبرزها اجتياح العراق، الذي دخل فيه حلفاء طهران العراقيون إلى بغداد، على ظهر الدبابات الأميركية.

 

لم يغير اغتيال الرجل الثاني في الثورة الإيرانية قاسم سليماني، من معادلة الصبر الاستراتيجي. كشف دونالد ترامب ما لم يكن له الحق بكشفه كرئيس سابق، حين أعلن أنّ إيران استأذنت أميركا كي ترد على الاغتيال بصواريخ صورية. أعطى هذا الكشف الصورة الحقيقية عن علاقة ثنائية لا تؤمن بالحرب بل بتقاسم النفوذ.

 

الردّ الصوري إيّاه نفذته إدارة بايدن بكل كفاءة، فقصفت مواقع أفرغتها طهران خلال أسبوع من الانتظار، كان كافياً للحفاظ على معادلة العلاقة غير المتجهة إلى مواجهة كبرى في المنطقة.

 

سبق لإدارة باراك أوباما ان تعاملت في العام 2013 بصبر استراتيجي مع نظام بشار الأسد حين تراجعت بعد استعماله السلاح الكيماوي، عن خطها الأحمر، كرمى لمفاوضات الملف النووي الإيراني.

 

تدير إدارة بايدن المنطقة بعد حرب 7 تشرين، بالقفازات، ولا تريد التورط بمواجهة كبرى، وتجلس إيران في الموقع نفسه، كل ذلك على وقع مفاوضات أميركية – إيرانية مستمرة في عمان، وهذا يمثل اعترافاً أميركياً ثابتاً، بدور إيران وموقعها كلاعب إقليمي وكمفاوض لا بديل عنه، والنتيجة تسوية كبرى يتم التحضير لها، لا يشوش عليها إلا الإصرار الاسرائيلي على إبعاد «حزب الله» عن الخط الأزرق، وهو إصرار يحاول فيه آموس هوكشتاين الوصول إلى ترتيب، يبدو أنّ ايران باتت جاهزة للقبول به.