لا أجوبة واضحة حول مصير «التسوية السياسية» وانتخاب الرئيس معلَّق
العلاقة بين الرابية وبنشعي رهن بما سيعلنه نصر الله في ذكرى أسبوع القنطار
تفلُّت النزوح السوري من أية ضوابط ومزاحمة اليد العاملة اللبنانية تنذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية
تعج الصالونات السياسية بالاسئلة التي تبقى بلا اجوبة حول مصير التسوية السياسية، فهناك من يرى بأن هذه التسوية ماتت قبل ان تولد، وهناك من يُؤكّد بأن المناخات الإقليمية والدولية التي تبددت في الأيام الماضية أدّت إلى تجميدها، ويذهب آخرون إلى اعتبارها الفرصة المتاحة وأن العمل منصب خلف الكواليس لتظهيرها بالمظهر الذي يلقى قبولاً من مختلف الأطياف السياسية، غير ان الثابت في ما خص الاستحقاق الرئاسي انه ما زال يدور في الحلقة المفرغة وأن أمد الفراغ في قصر بعبدا متواصل إلى أمد لا يمكن لأي فريق سياسي داخلي ان يحدده.
في هذا المجال يُؤكّد مصدر وزاري ان لا شيء جديداً على خط الانتخابات الرئاسية وأن كل الاتصالات والمشاورات التي حصلت والأجواء السياسية التي أوحت وكأن الانتخابات الرئاسية أصبحت في قبضة اليد وأن النائب سليمان فرنجية بدأ يعد العدة للانتقال من زغرتا إلى بعبدا قد تراجعت بشكل مضطرد ليعود هذا الاستحقاق إلى مربعه الأوّل بانتظار حدوث متغيرات ما إن على مستوى الداخل أو الخارج تخرجه من هذا المربع.
ويجزم المصدر الوزاري أن أي تسوية داخلية بهذا الخصوص ما لم تكن مقرونة بدعم إقليمي ودولي وبمناخات ملائمة على كل الصعد لن يكتب لها النجاح وبالتالي فإن انتخاب الرئيس سيبقى معلقاً إلى حين تأمين العوامل المطلوبة لانضاج الطبخة الرئاسية وهذه العوامل إلى الآن غير متوفرة لا بل معدومة.
في مقابل ذلك ترى أوساط سياسية متابعة ان الاستحقاق الرئاسي يقف في هذه المرحلة على مفترق طرق، فإما ان يُنجز في غضون النصف الأوّل من العام المقبل مع ما يُحكى عن العمل لإعادة فتح قنوات الاتصال وترميم الجسور بين المملكة العربية السعودية وإيران والتي من بشائرها تعيين المملكة سفيراً لها في طهران بالتزامن مع اتصالات لتأمين لقاء بين وزيري خارجية البلدين للبحث في العلاقات الثنائية وأزمات المنطقة، كون ان إعادة المياه إلى مجاريها بين الرياض وجدة سيكون لها بالغ الأثر الإيجابي على أوضاع المنطقة وعلى وجه الخصوص لبنان التي من الممكن ان يكون أوّل المستفيدين في هكذا تقارب كون ان ازمته غير مستعصية ويسهل حلها على عكس الأزمات الموجودة في المنطقة والقائمة على الحديد والنار.
اما في حال وصلت هذه المساعي إلى طريق مسدود وبقيت أزمات المنطقة مفتوحة لا سيما الأزمة السورية فإنه سيكون من الصعب رؤية رئيس جديد للبنان في قصر بعبدا خلال العام 2016 وأن الفراغ ربما يمتد إلى خريف الـ2017 موعد انتهاء التمديد الثاني لمجلس النواب، وفي حال وصلنا إلى هذه المرحلة سيكون لبنان عُرضة للمزيد من الأزمات لا سيما الاقتصادية منها والأمنية في ظل تزايد عدد النازحين السوريين وفي ظل غياب أي خطة احتوائية لهذا النزوح «الفالت على غاربه» بعيداً عن أية ضوابط لا سيما في الشق الاقتصادي حيث بدأ السوق اللبناني يئن تحت وطأة مزاحمة اليد العاملة السورية لليد العاملة اللبنانية بما يرفع من منسوب اعداد العاطلين عن العمل وارقام العائلات التي تعيش تحت خط الفقر حيث كشفت بعض الإحصاءات عن ان نسبة البطالة بلغت 25٪ من بينها 35 بالمئة من الشباب والشابات، إضافة إلى وجود ما يقارب ربع عدد سكان لبنان بات يعيش تحت خط الفقر أي بنسبة (4 دولارات) في اليوم وهذا سيكون مع الأشهر القادمة بمثابة القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أية لحظة.
وعما إذا كانت التوترات التي برزت بالتزامن مع طرح التسوية السياسية وترشيح النائب فرنجية رسمياً ستتفاقم مع قابل الأيام ترى الأوساط السياسية ان الاتصالات تنشط لاحتواء ما جرى إن على خط بنشعي – الرابية أو على خط بيت الوسط ومعراب، وأن ما جرى بهذا الخصوص أكّد ان الأمور لن تصل إلى مرحلة القطيعة على أي جبهة وأن ما حصل على خلفية طرح التسوية قابل للأخذ والرد، مع ان العلاقة بين الجنرال ميشال عون والنائب فرنجية قد تعرّضت أكثر من غيرها للشرخ نتيجة ارتدادات هذه التسوية وأن الفريق الذي ينتمي إليه كل من عون وفرنجية يعوّل على تدخل مباشر من الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله لاحتواء ما جرى وأن ما سيعلنه «السيد» في غضون الأيام المقبلة حيث يفترض ان يكون له إطلالة سياسية في ذكرى أسبوع الشهيد سمير القنطار سيحدد مصير العلاقة بين الجانبين إذ ان السيّد نصر الله الذي كان أوّل من طرح مبادرة سياسية لإخراج لبنان من النفق حتماً سيتناول في سياق خطابه التسوية التي قصمت ظهر البعير بين حليفيه في الرابية وبنشعي وعلى أساس ما سيقول ستتظهر الصورة السياسية التي ستكون عليها المرحلة القادمة على هذا المستوى.