IMLebanon

ما يتجاوز إطلاق المعتقلِين

 

 

من السذاجة بمكان النظر الى المنعطف الجديد في  العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وحزب الله على أنه مجرّد إطلاق بضعة لبنانيين من السجن في الإمارات وأكثرهم محكومون بِـ«المؤبّد» على خلفية التعامل مع الحزب.

 

صحيح أن الإفراج عن هؤلاء سيكون نتيجة مساعي حثيثة، استمرت بضعة أشهر، شارك فيها كثيرون أبرزهم مدير عام الأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم يوم كان لا يزال في المسؤولية الرسمية وبعدها إذ لا يزال يقوم بدور واضح في ما نسميه «المسؤولية الوطنية»، هذا صحيح إلّا أن لهذا التطور بعداً آخرَ تشي مؤشراته بنوع من ارتفاع في منسوب العلاقة من شأنه أن يطوي (مع الوقت) صفحةً كثيرة السلبيات المتراكمة والتي تضاعفت منذ حرب اليمن الى ما بعد نشوب حرب غزة ومضاعفاتها.

 

ولو كان الأمر مجرّد عملية إفراج عن موقوفين، لكانت الإمارات أطلقت سراحهم وأمهلتهم يومين أو ثلاثة أو أسبوعاً لمغادرة أراضيها، لينتهي الأمر عند هذا الحد… ولكن إخراج العملية ليس بالمسألة العابرة، ولا هو مجرّد شكليات، لأنه أبعد من ذلك بكثير… فإرسال طائرة إماراتية خاصة لتقلّ القيادي في حزب الله السيد وفيق صفا (رجل المهمات الصعبة) الى الإمارات ليعود، في وقت لاحق، بالذين سيفرج عنهم يشكل غير دليل على أن الحدث يتجاوز مجرّدَ بادرة طيبة من قبل هذه الدولة العربية التي تحتضن مئات آلاف اللبنانيين وتوفر لهم أفضل ظروف العيش الكريم ومتطلباته.

 

وبعد، نرحّب بهذا التطور الإيجابي المستَجَدّ، ونأمل أن يكون مدخلاً، بمثابة الباب الواسع، لإيجابيات عديدة تبدأ في وقف تداعيات الحرب في الجنوب ولا تنتهي بانتخاب رئيس توافقي للجمهورية، كمنطلق لوقف التدهور والانهيار الكبيرين اللذين يعاني منهما اللبنانيون معاناةً هائلة لا يستحقونها.

 

وإننا لعلى ثقة مطلقة بأن أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله لن يدّخر جهداً لتجنيب لبنان ليس فقط الحرب الشاملة التي لا يريدها أحد، لا في دول المنطقة ولا في خارجها باستثناء العدو الإسرائيلي، وتحديداً بنيامين نتانياهو المأزوم… نقول تجنيب ليس الحرب الشاملة وحسب، إنما أيضا وقف هذا النزف الجنوبي الهائل في البشر والحجر. وهذا ليس بالمستحيل على سماحة السيد، وإن كان صعباً، بالتأكيد، لأسباب وموجبات وتعقيدات ليس الآن مجال الخوض فيها.