IMLebanon

هل يكبح “الترشيد” كارثة رفع الدعم وتأجيج ألسنة لهيب الأسعار؟

 

أبو حيدر لـ”نداء الوطن”: السلع المدعومة متوفّرة… وفُقدت لأيام جرّاء الإنفجار

 

لم يتوقّف دعم السلع الغذائية، ولكن الطلب من قبل التجار ليس كبيراً على أصناف السلّة المدعومة. فالدعم سجّل نسبة 9% من القيمة المرصودة له وهي 210 ملايين دولار، من هنا لا نجد كل الأصناف المدعومة على رفوف السوبرماركات. تلك المنتجات سنودّع بعضها ضمن عملية “ترشيد الدعم” والكارثة الأكبر أن نودّع الدعم على “الدواء والمحروقات والطحين” الذي سيحدث الفرق و”يحرق” الفقراء. فهل تصحّ تطمينات “الترشيد”؟

 

للوهلة الأولى وتزامناً مع الحديث عن عدم إمكانية “المركزي” رفع الدعم في ظلّ مشارفة الإحتياطي على الوصول الى خطه الأحمر، أي الى الإحتياطي الإلزامي الذي لا يمكن المسّ به وهو 17.5 مليار دولار، ساد الهرج والمرج وسارع بعض الفعاليات الى المطالبة بعدم رفع الدعم نظراً الى الإرتفاع القياسي الذي ستسجّله أسعار السلع والتي ستضرب بخمس مرات.

 

أمس أعرب عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس، عن خشيته من رفع الدعم عن المحروقات خلال ثلاثة أشهر محذّراً من أن”سعر صفيحة البنزين قد يصل إلى 65 الف ليرة طبعاً بحسب سعر برميل النفط وسعر صرف الدولار في السوق السوداء، وهذا الرقم هو حسابي حتى انه قد يصل سعر الصفيحة إلى أكثر من 100 ألف ليرة بعد رفع الدعم.

 

وحدّث بلا حرج عن السلع الأخرى التي سترتفع من رغيف الخبز والمازوت والدواء… باختصار ستلتهب الأسعار. هذا الأمر دفع بـ”المركزي” الى المسارعة نحو ترشيد الدعم وليس الغائه، وفق آليات لا تزال غير نهائية لغاية الساعة.

 

والترشيد لا يعني أن أسعار السلع لن ترتفع، وإنما الدعم سيطال سلعاً محدّدة مثل أدوية محدّدة تتعلق بالقلب …وليس قطاع الدواء عموماً، ودعم على البنزين لطبقة معينة من اللبنانيين وبكميّة محدّدة وبعض المستلزمات الطبّية… لأن رفع الدعم عن السلع الأساسية عموماً من شأنه أن يرفع الكلفة الإستشفائية أيضاً ويؤثّر بالتالي على اقساط بوالص التأمين…

 

ونتيجة لذلك يشدّد مدير عام وزارة الإقتصاد محمد ابو حيدر لـ”نداء الوطن” الذي يشارك في اجتماعات المجلس المركزي لمصرف لبنان، أن “الأسعار لن ترتفع بشكل كلّي بل ستكون مدروسة وضمن سياسة ترشيد الدعم، على أن يتمّ الرسو على الآلية النهائية خلال أسبوع او أكثر”.

 

وجود خجول

 

وحول السلع المدعومة، والموجودة بخجل في السوبرماركات، يقول إنه “بعيد انفجار 4 آب، فقدت بسبب عدم إمكانية إخراج البضائع من “مرفأ بيروت” قبل إجراء الفحوصات اللازمة لها للتأكد من سلامتها قبل طرحها في السوق، الأمر الذي استلزم وقتاً، فأفرغت المحال التجارية من السلع المدعومة لأسبوعين او ثلاثة”.

 

ويضيف “أما اليوم فإن البضائع المدعومة متواجدة في المحال التجارية، ومحدوديتها تعود الى ضعف الطلب عليها من قبل التجار، الذين يفتقدون الى السيولة نقداً. اذ أن الإستيراد من الخارج يوجب على التاجر تأمين كلفة الشحنة نقداً وايداعها في المصرف الذي يحوّلها الى دولار وفق تسعيرة الـ3900 ليرة للدولار الواحد، عند فتح الإعتماد”.

 

وبالنسبة الى ما يقال عن عدم وجود قدرة استيعابية لتخزين الحبوب في المرفأ مع تدمير الإهراءات بالكامل بعد انفجار 4 آب، يشير ابو حيدر الى أن ” برنامج الأغذية العالمي WFP يخزن الحبوب في مستوعبات، وكذلك الأمر بالنسبة الى بعض المعامل التي قدّمت مستودعاتها لتخزين الشحنات فيها، وبالتالي الأمور جيدة. أما بالنسبة الى الطحين، فيوجد فقط 10 مطاحن تقوم بالتخزين.

 

وعن عدم الإستعانة بمرفأ طرابلس لإفراغ البضاعة، يوضح أبو حيدر انه “تمت الإستعانة بمرفأ طرابلس عندما كنا في عزّ الأزمة أي بعد الإنفجار اذ كان تمّ إفراغ 4 شحنات قمح في داخله، ولكن عندما استعاد مرفأ بيروت عمله، أوقفت الشركات المستوردة من الخارج إفراغ حمولتها في ميناء طرابلس، باعتبار أن المركز الرئيسي لغالبيتها هو بيروت وبالتالي تفضّل الرسو في “مرفأ بيروت”.

 

تأخير إخراج البضائع

 

أما عن خضوع السلع لفحوصات مخبرية ما يؤخّر عملية إخراجها من المرفأ، فيقول ابو حيدر “لا يمكن سحب السلع قبل إجراء الفحوصات الضرورية التي تثبت سلامتها ولو استلزم هذا الأمر بعض الوقت. فالمختبرات تعرّضت لضغوطات كبيرة بسبب الفحوصات المكثّفة التي أجريت على البضائع يوم حدوث الإنفجار، واضطرارها الى إجراء فحوصات على السلع التي وردت في ما بعد”.

 

وأكد أنه سيجري اتصالاته مع الوزارات المعنية مثل الصناعة والزراعة لحثّ تلك المختبرات على العمل ساعات إضافية وخلال “الويك أند” بغية إنجاز الفحوصات الضرورية كون صحّة المواطن اولوية.

 

إذا، السلع الأساسية والضرورية لن ترتفع بشكل كبير تفادياً لكارثة إجتماعية، علماً أن الأسعار أصلاً مرتفعة ولا حلّ لأزمة انهيار عملتنا سوى الشروع بالاصلاحات التي تعيد الثقة والطمأنينة الى الأسواق.