IMLebanon

التسوية المجَدّد لها تحت المراقبة

 

في مرحلة ما بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، يمكن القول إنّ الملف اللبناني بات تحت المراقبة.

لقد تحوّل النأي اللفظي بالنفس الذي خَرقه «حزب الله» بعد يوم واحد، عبر كلام نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، مادّة اختبار لجِديّة تجديد التسوية، مع التوَقّع المُسبق لاستمرار المسار القديم، كَون قرار «الحزب» مرتبط باستراتيجية إيران في المنطقة، وهو ما يؤدي حكماً الى تعديل شَكلي في أداء «حزب الله» من دون المَس بدوره الذي سيكون حيث يجب أن يكون. وقد عَزّز كلام قاسم هذا المنحى بقوله إنّ «الحزب» جزء من محور المقاومة التي ترأسه طهران.

وتتجه الأنظار الى ردة الفعل السعودية على العودة عن الاستقالة التي تميّزت بالملامح الآتية:

أولاً، تَحفّظ الإعلام السعودي عن العودة عن الاستقالة ووضعها في الخانة العادية، ولم يصدر عنه ما يشير الى الرفض أو الترحيب، وهو ما فسّر على أنه فرصة جديدة لانتظار الأفعال لا الأقوال كما ورد في بيان الحكومة، علماً انّ المرحلة السابقة شهدت كثيراً من الحملات التي ترافقت مع الاستقالة وأعقَبتها، وهو ما توقّف الآن في انتظار النتائج.

ثانياً، تميّز حضور السفير السعودي الجديد في بيروت وليد اليعقوب بالتحفّظ، وعلى رغم انه لم يقدّم أوراق اعتماده لأسباب معروفة، فلم يصدر عنه ايّ إشارة سياسية ملفتة تعطي مؤشّراً الى ما ستنتهجه المملكة من سياسات تجاه لبنان، بعد عاصفة الاستقالة والعودة عنها. وباستثناء الكلام الذي صدر عن وزير الخارجية عادل الجبير، حول استعمال «حزب الله» المصارف اللبنانية لتبييض أمواله، فإنّ الصمت يَلفّ السياسة السعودية، في مرحلة تَرقّب لا يعرف كم ستطول.

ثالثاً، لا ينطبق التحفّظ السعودي على التواصل غير المُعلن مع شخصيات وجهات لبنانية معارضة للتسوية، وهذا التواصل قد يشهد استئناف استقبال بعض الشخصيات في الرياض ضمن إطار بلورة تَوجّه جديد، يمكن ان تخرج ملامحه الى العلن في مرحلة ليست ببعيدة، علماً انّ سلسلة زيارات كانت ستحصل وجمّدت بسبب الاستقالة.

ويبقى السؤال هل مَرّ تجديد التسوية الرئاسية بعد أن تقاطعت أسباب داخلية ودولية، ساهمت في عودة الحريري عن استقالته، وبإعادة تقييم الموقف السعودي، وما هي معالم المرحلة المقبلة؟

تؤكد أوساط ديبلوماسية أنّ الـ«نيو تسوية» ستبقى تحت المراقبة حتى إشعار آخر، لعدم الثقة في قدرة أيّ طرف على استرجاع التوازن مع «حزب الله»، الذي يَتحَصّن بالعلاقة مع الرئيس ميشال عون، كما بعلاقة عون مع تيار «المستقبل».

وفقدان الثقة مَردّه الى شبه استحالة التأثير على دور «حزب الله» وارتباطه بأزمات المنطقة، علماً انّ العودة عن الاستقالة هي عملياً عودة الى التسوية بنسختها القديمة المُجَددة شَكلاً، وهي المرشّحة لأن تستمر أيّاً كان مضمون البيان الذي التزمَته الحكومة من دون ان يتمّ إلزام «حزب الله» بأيّ تعهّد واضح، في وقت يستمر قتاله في سوريا والعراق، ومشاركته في مساعدة الحوثيين والبحرينيين بالخبرات، واستقباله في الضاحية الجنوبية كوادرهم الاعلامية والسياسية، وهو ما ترصده الدوائر الخليجية بالدقة والتفاصيل.

تبدو ملامح الصورة واضحة حتى الانتخابات النيابية المقبلة، التي يراهن فيها «حزب الله» على الفوز مع حلفائه بأكثرية المجلس النيابي الجديد، ما يعني تشكيل حكومة شبيهة بالحالية، وتوزيع مكرمات سياسية على مَن سيشغلونها.

امّا الاطراف التي تعارض التسوية فهي، وعلى رغم استمرار التواصل في ما بينها، لم تُبَلور مشهد معارضة وطنية. كل ما حصل هو استمرارها في تَلقّي نتائج التخوين، واتهامها بالانقلاب على الحريري.

أمّا المشهد الأكثر تأثيراً فسيتمثّل بحصول تغييرات طارئة على مقر الأمانة العامة لـ 14 آذار، الذي حَضن مشروع 14 آذار أكثر من عشر سنوات من عمره.