Site icon IMLebanon

أيام مفصلية ومصيرية بانتظار لبنان

 

اتصالات ناشطة لاحتواء تداعيات الاعتداء الإسرائيلي.. والعين على ردّ «حزب الله»

 

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، هكذا تبدو وباختصار الأجواء السائدة على الساحة اللبنانية، بعد أن تراجعت كافة الملفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ووضعت على الرفوف الخلفية لتحلّ مكانها مواقف التهديد والوعيد الإسرائيلية بشنّ هجوم كبير على لبنان، والذي جرى ترجمته بالاعتداء السافر على الضاحية الجنوبية يوم الثلاثاء الماضي.

وبعد هذا التطور الأمني الخطير فان منسوب القلق يتجه نحو المزيد من الارتفاع، خصوصا انه أتى في الوقت التي كانت تنفي فيه أكثر من جهة دولية أن تصيب شظايا المواجهات بين لبنان وإسرائيل الضاحية الجنوبية، وقد أتت حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لتزيد من معطيات المواجهة التي قد تتوسّع لتصبح إقليمية.

 

وفي هذا الإطار، اعتبرت مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«اللواء» ان اغتيال هنية أتى بمثابة إعلان حرب على إيران وعلى جميع القوى والأطراف الموالية لها، والتي لا يمكن السكوت أو التغاضي عن مثل هكذا اعتداء بهذا الحجم، وذهبت المصادر لتؤكد بان ما حصل من استهداف مباشر لطهران من خلال عملية الاغتيال، غطى جزئيا على موضوع الاعتداء على سيادة لبنان من خلال ضرب الضاحية الجنوبية معقل «حزب الله» واستهدافها واغتيالها للقائد العسكري الأول في الحزب فؤاد شكر.

من هنا، فان الاعتداء الإسرائيلي المزدوج لكل من «حماس» و«حزب الله» في طهران وبيروت، خلّف إرباكا كبيرا على الساحتين الإيرانية واللبنانية وحتى الإقليمية، وباتت معه كل التوقعات مفتوحة على كافة الاحتمالات، كذلك أصبحت الصورة لدى معظم السياسيين ضبابية، بانتظار ما سيتبلور من معطيات في الساعات المقبلة وتداعيات عسكرية وأمنية، علما ان الرد من «حزب الله» ومن «إيران « سيكون حتمي دون معرفة المكان والزمان، وبالتالي طريقة هذا الرد، باعتبار ان الاعتداء الإسرائيلي تجاوز كل قواعد الاشتباك والخطوط الحمراء.

 

ومتابعة للمستجدات، نشطت خلال الساعات الماضية حركة الاتصالات والمشاورات الديبلوماسية، وعلى أعلى المستويات للبحث في إمكانية تخفيف الأضرار المتوقع أن تضرب لبنان، وذلك من أجل ضبط الأوضاع وعدم حصول انفلات أمني واسع، قد يؤدي الى حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل من شأنها الوصول الى أسوأ السيناريوهات، وبالتالي الى نتائج كارثية.

وقد سارع رئيس الحكومة لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد في السراي الحكومي بالأمس، حيث كرّر إدانته للعدوان الإسرائيلي على لبنان وقتله لعدد من اللبنانيين الأبرياء بما فيهم أطفال، مجدّدا تحذيره من تفلّت الأمور نحو الأسوأ، مبديا تخوّفه من تفاقم الأوضاع مؤكدا التزام لبنان بالقرار ١٧٠١، مطالبا بتنفيذه بحذافيره.

وإذ شدّد ميقاتي على ان لبنان لا يريد الحرب، وأعلن ان جلسات الحكومة ستبقى مفتوحة لمواكبة التطورات.

وعلمت «اللواء» ان السفيرة الأميركية ليزا جونسون التي التقت الرئيس ميقاتي من خلال موعد طارئ وعاجل، كانت على علم بالضربة الإسرائيلية لكنها تفاجأت بضرب الضاحية الجنوبية، ولكنها أشارت ان بلادها تبلّغت من تل أبيب ان هذا هو الرد التي كانت تسعى إليه، وتم انتهاء العملية.

أما السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو الذي كان موعده مجدول على قائمة مواعيد الرئيس ميقاتي، فأبدى قلقه من إمكانية التصعيد الذي كانت حذّرت منه بلاده مرات عدة، مؤكدا استمرار فرنسا لبذل أقصى جهودها في مساعيها للتهدئة.

كذلك فان إسبانيا التزمت وعلى لسان وزير خارجيتها الذي أجرى اتصالا برئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالعمل في كل المحافل لإبعاد المخاطر عن لبنان.

ومتابعة أيضا للاتصالات والمشاورات الجارية لتخفيف وطأة تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية، يستقبل الرئيس ميقاتي اليوم وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين، وذلك بعد التشاور الذي كان أجراه ميقاتي مع رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر يوم الجمعة الماضي على هامش مشاركته في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس، علما ان وزير الخارجية البريطاني دايفيد لامي كان أجرى بداية الأسبوع الحالي اتصالا بالرئيس ميقاتي، وناقش معه التطورات كافة مؤكدا دعوته جميع الأطراف الى ضبط النفس.

كما علمت «اللواء» ان الرئيس ميقاتي أعطى توجيهاته اللازمة للجنة الطوارئ الحكومية ولكافة الوزراء، بالاستنفار والبقاء على جهوزية تامة في ظل التطورات الأخيرة لا سيما في حال توسّع الاعتداءات الإسرائيلية وتدهور الأوضاع.

وفي المحصلة، تبقى الأنظار شاخصة الى ما يمكن أن تحمله الساعات المقبلة من تطورات ديبلوماسية وامنية، خصوصا انه في حال اندلعت شرارة الحرب، فان إخمادها لن يكون بالامر السهل وستكون له تداعيات وخيمة على المنطقة ككل.