IMLebanon

تداعيات النزوح السوري لبنانياً: خسارة 7 مليار و200 مليون دولار.. والحبل على الجرار

تداعيات النزوح السوري لبنانياً: خسارة 7 مليار و200 مليون دولار.. والحبل على الجرار

«النحيب والعويل» لم يعودا يجديان نفعاً.. والمطلوب خارطة طريق تزيح هذا العبء الثقيل

طرح المناطق الآمنة وإنشاء صندوق عربي للنازحين جيدان لكنهما غير قابلين للتنفيذ راهناً

أحس رئيس الحكومة تمام سلام في طرحه امام القمة العربية التي انعقدت في موريتانا إنشاء مناطق آمنة للنازحين داخل سوريا، وبانتظار ذلك إنشاء صندوق عربي لتعزيز قدرة الدول المضيفة على الشروط وتحسين شروط إقامة النازحين المؤقتة، بعد ان كانت الحكومة تتردد في طرح موضوع النازحين من هذه الزاوية. واللافت في هذا الموضوع انه عندما كان قد اقترح وزير العمل سجعان قزي في مؤتمر منظمة العمل العربية الذي انعقد في القاهرة في نيسان الماضي مسألة المناطق الآمنة قيل في لبنان ان ذلك وهم، وعندما اقترح إنشاء مفوضية عربية عليا لشؤون النازحين قيل ان ذلك خيال، ولمّا حذر من تثبيت النازحين قيل ان ذلك فزاعة.

يبدو ان الحكومة عندما لاحظت خطورة تداعيات النزوح، وثبت لها ان بقاء السوريين في لبنان طويل الأمد ولأجل غير مسمى، غيّرت منهجية المقاربة التي كانت تعتمدها إلى مقاربة أخرى، وإن متأخرة، بعد أن كان الوزير قزي وهو عضو في اللجنة الوزارية المكلفة متابعة هذا الملف قد أعلن مقترحاته المبنية على رؤية مجردة من أي اعتبار سياسي أو طائفي وبينة على مخاوف حقيقية من تداعيات هذا النزوح على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتأتية من عدم تنظيم دخول النازحين من حيث الوضع القانوني والاقامات والمخيمات العشوائية، وهو وضع هذه المخاوف بين يدي اللجنة الوزارية، وذهب أبعد من ذلك حيث وضع وزراء العمل العرب، وكذلك المسؤولين الدوليين الذين التقاهم على هامش مؤتمر العمل الدولي الذي انعقد في أيّار الماضي في جنيف في الأجواء الحقيقية لمسألة النازحين ومدى قدرة لبنان على الاستمرار في تحمل الأعباء الناجمة عن هذا الملف المفتوح على كافة المستويات من الشأن المالي الى الأمني وصولاً إلى البطالة المتأتية عن مزاحمة اليد العاملة السورية للبنانيين على مستوى أصحاب عمل وعمال، وقد فوجئ هؤلاء بالأرقام والوثائق التي قدمها الوزير قزي حيث ان مسؤولاً أممياً صارحه بالقول انه لأول مرّة يكون بين يديه مثل هذه المعلومات إذ ان من يلتقيه من مسؤولين لبنانيين يحصر الموضوع بالشأن المالي فقط دون الحديث عن تداعيات النزوح السوري على الوضع اللبناني.

وإذ كان الوزير قزي قد أبلغ المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة، مايكل مولر الذي التقاه في الأوّل من حزيران الفائت بأن الحل الذي ينقذ لبنان هو خلق منطقة عازلة وآمنة بحماية دولية داخل الأراضي السورية، فإنه في الوقت ذاته كان صريحاً معه إلى أبعد الحدود حيث كشف له عن خطورة ما تفكر فيه بعض المرجعيات الدولية في تثبيت النازحين السوريين في لبنان، بانياً هذه المخاوف على الإلحاح المستمر لمسؤولين في منظمات دولية لفتح سوق العمل اللبناني وتوظيف السوريين وتأمين العمل لهم في الوقت الذي بلغت فيه نسبة البطالة في لبنان 25 بالمئة.

هل يتجاوب العرب مع الاقتراح اللبناني المعلن من قبل الرئيس سلام والوزير قزي ويذهبوا في اتجاه العمل على إنشاء هيئة عربية عليا لشؤون النازحين، وإيجاد منطقة عازلة داخل سوريا بحماية دولية، وبالتالي يزيحون عن كاهل لبنان هذا العبء الثقيل الذي لا طاقة له على تحمله؟

لا يوجد في الأفق العربي أي معطى يفيد بإمكانية ان يتفاهم العرب على أي خطة عملية لمسألة النازحين، لا بل انهم يعتبرون ان ما هو مطلوب منهم يقومون به خصوصاً لجهة تقديم ما تيسر من مال لمساعدة الدول المضيفة وأن إنشاء هيئة عربية لهذه الغاية يعتبر من سابع المستحيلات في ظل الانشطار العربي الموجود أفقياً وعامودياً، وبالتالي فإن على لبنان الاستمرار في مقاربة هذه «القنبلة الموقوتة» التي اسمها النازحين بحكمة وروية بعيداً عن النكد السياسي لأن انفجار هذه القنبلة سيكون مكلفاً على الجميع.

وامام هذا الواقع العربي غير المأمول منه في وضع خطة شاملة للنازحين تخفف عن لبنان هذا الحمل الثقيل، فإن مصادر متابعة لهذا الملف تؤكد بأن أزمة النازحين في لبنان ستبقى مفتوحة لا بل هي ربما تتفاقم مع مرور الوقت، وانه من المستبعد إيجاد أي حل ما لم تنتهِ الأزمة في سوريا ويصبح بإمكان السوريين الذين نزحوا إلى لبنان وغيره من البلدان المجاورة العودة إلى مدنهم وقراهم.

وفي رأي هذه المصادر ان لبنان فقد حتى الساعة من دخله القومي نتيجة النزوح السوري خمسة بالمئة، حيث بلغت الخسائر على مدى الثلاث سنوات الماضية 7 مليارات و200 مليون دولار على أساس ان عدد النازحين هو مليون و200 ألف فقط، مع العلم ان العدد أكبر من ذلك بكثير، وبالتالي فإن أية مساعدات يمكن ان تقدّم للبنان يجب ان تفوق هذه الخسارة والا سنكون امام كارثة لا طاقة للبنان على تحملها.

وترى هذه المصادر ان «النحيب والعويل» الذي اعتاد عليه لبنان عند كل أزمة لم يعودا يجديان نفعاً، وأن ملف النزوح يجب التعاطي معه بمسؤولية عن طريق وضع الخطط واتخاذ الإجراءات ووضع الدراسات التي تساعد على وضع خارطة طريق لمعالجة هذا الملف المتشعب، متسائلة أين الضرر من التواصل مع الحكومة السورية للمساعدة في إيجاد الحلول بدلاً من استجداء المساعدة على الحل من هنا وهناك.