Site icon IMLebanon

جمهورية البوسطة

على خط صيدا – بيروت، ومنذ ما يقارب تاريخ جمهورية الإستقلال، تُسيَّر بوسطات للنقل الشعبي لصاحبها أحمد الصاوي زنتوت، وقد كُتِبَ عليها «سيري فعينُ الله ترعاكِ».

وجمهورية الإستقلال التي يملكها حكَّام تسلَّقوا الى سدّة مسؤولياتها بواسطة البوسطة، وصلت معهم إنهياراتها الى بوسطة بلا سائق، أيْ الى جمهورية: «سيري فعين الله ترعاكِ»…

والشعب اللبناني الذي كان هو بفضل جمهورية البوسطة ضحية كل حوادث السير بالمؤسسات، لم يعد أمامه إلا بوسطة أحمد الصاوي زنتوت، فيما الذين يركبون بوسطة الدولة يرفضون النزول عن مقاعدها، قبل أن يركبّوا عليها ورَثَتهم، ويرفضون في المقابل أن ينزلوا عن ظهورنا.

وهذا يعني أن هذه التي إسمها دولة لبنانية في الدستور، أصبحت في القانون التجاري ملكاً خاصاً وشركة لبنانية مساهمة: ش. م. ل.

هذا المشهد المتلاحق في المسلسل الدرامي اللبناني، بات يدعو الى الكفر بالدولة والأرض والوطن، وقد تقلَّصت معه مساحة لبنان الكبير من الـ 10452 كيلومتراً مربعاً، الى أقلّ من كيلومتر مربّع من الكرامة الوطنية والإستقلال.

ومع أن هذه الجمهورية: الرئيس فيها مغيَّب والمجلس النيابي مهرّب، والحكومة معطّلة، فلا يزال الذين يتربعون فيها على المقاعد السلطوية والحزبية والبرلمانية يطرحون مشاريعهم لخدمة الشعب… والشعب في حال احتضار بسبب مشاريعهم.

وما زالوا يعتلون المنابر الخطابية دفاعاً عن الوطن، ويختتمون الخطب بشعار «عاش لبنان»… ولبنان يموت على أيديهم موتاً سريرياً كل يوم.

وما زالوا يعلنون أن «الدين لله والوطن للجميع»… وهم كما يقول الإمام موسى الصدر: «حبسوا دينهم في كهوف الطائفية وقد فرَّ منه الإنسان ليعيش فيه الوحش».

المسلمون منهم، «يتعاونون على الإثم والعدوان، وعلى سنّة الله ورسوله يتذابحون. والمسيحيون، الذين يطالبون منهم بحقوق المسيحيين هم الذين هدروها. والذين يندِّدون بشغور رئاسة الجمهورية هم الذين يشغِّرونها.

وفيما يفتك «الداعشيون» بالمسيحيين في جوار لبنان، نرى المسيحيين في لبنان «يتداعشون» على الكرسي برقصة غجرية، وكلٌ منهم يدّعي حقه بالإرث السائب ويشتهي مقتنى غيره.

هذا هو مصير لبنان المكتوب على جمهورية البوسطة، ولا مجال للخلاص إلا بقانون سير وطني جديد يؤول الى جيل سياسي جديد، ينقذ لبنان من كذَبة بلباس أنبياء، وشياطين بأجنحة ملائكة، ورحماء بصورة جلادين.