IMLebanon

المطلوب تشخيص واقع الحال … لا تجميله

 

اليوم تنتهي ثلاثية مناقشة الموازنة للعام 2017، فتصدر في قانون، ليُفترض أن تبدأ في الأسبوع المقبل جلسات مجلس الوزراء لإنجاز موازنة العام 2018، لتُحال بعدها إلى مجلس النواب ويبدأ في مناقشتها حتى آخر السنة لإصدارها في قانون ونشرها في الجريدة الرسمية، فتكون الموازنة الحقيقية التي تصدر في قانون قبل الصرف وليس بعده، بعد آخر موازنة صدرت للعام 2005.

مرحلة الموازنات حفَّزت الجميع، ولا سيما الشركات الخاصة، مع اقتراب نهاية السنة، على الإعداد لإقفال موازناتهم عن العام الحالي والإعداد لموازنة العام 2018، والذين باشروا هذا العمل، ماذا وجدوا؟

سنة 2017 لم تكن مريحة على الإطلاق:

الحكومة اللبنانية تتحمل جزءاً كبيراً من عبء نفقات النازحين، لأنَّ الدول المعنية بالنزوح لا تفي بكل التزاماتها، وحتى لو وَفَت بكل التزاماتها فإنَّ الأموال المرصودة للنازحين لا تكفي.

الحكومة اللبنانية وَفَت تجاه القطاع العام فأقرت سلسلة الرتب والرواتب، مع ما يعني ذلك من أعباء إضافية على خزينة الدولة، هذه الخطوة كان يمكن لها أن تكون ممكنة ومحتملة لو أنَّها استُبِقت أو ترافقت مع إصلاح إداري يُخفِّض كتلة القطاع العام من نحو 350 ألف موظف، وهذه الكتلة هي التي تشكل العبء الأكبر من الموازنة. وأكثر من ذلك، وبدلاً من أن تعمل الحكومة الحالية، والحكومة التي سبقتها، على موضوع تخفيف العبء الوظيفي، تقول الأرقام إنَّ أكثر من 26 ألف شخص في القطاع العام تمَّ إدخالهم في السنتين الأخيرتين، فكيف سيتم ترشيق القطاع العام، فيما عملية التوظيف قائمة على قدم وساق ويصعب الوقوف في وجهها، طالما أنَّ الزمن هو زمن الإعداد للإنتخابات النيابية، ولا أحد من الوزراء والنواب بإمكانه أن يردَّ طلب توظيف تحت طائلة المصاعب في الإنتخابات النيابية؟

في هذه الحالة، إلى أين يمكن أن يصل الوضع؟

أزمة النزوح السوري إلى لبنان لا يمكن إعتبار أنَّ حلها سيكون في القريب العاجل، ما يعني أنَّ هناك موازنة رديفة على الحكومة اللبنانية أن تضعها للعام 2018، ويكون اسمها الموازنة العامة للنازحين للعام 2018، وإذا أخذنا الأرقام التي قدمها رئيس الجمهورية إلى سفراء الدول الكبرى عن النازحين وأنَّ كلفتهم على لبنان، من بنى تحتية وغيرها، تصل إلى سبعة مليارات دولار، وإذا كان العجز في موازنة العام 2017 هو في حدود سبعة مليارات دولار أيضاً، يكون العجز أمام الحكومة اللبنانية 14 مليار دولار أي أقل بقليل من رقم الموازنة.

هكذا نقترب من حال اليونان الذي حذَّر منه أكثر من مسؤول، من دون أن ندري.

يحاول المراقب أو المحلل أن يُغلِّب التفاؤل على التشاؤم أو الإحباط، لكنَّ الأرقام تُفسِد المحاولة. المطلوب مع التفاؤل شيء من الحزم والعزم لتشخيص الواقع لا لتجميله، ليكون بالإمكان معالجته.