Site icon IMLebanon

الجميع ينتظر الخطة الإنقاذية… فمتى تأتي؟

 

 

بعد تعليق سداد «اليوروبوندز» ووسط غياب الثقة بالحكومة

 

 

بعد إعلان الدولة اللبنانية موقفها بشكل واضح وصريح بتعليق دفع استحقاق «اليوروبوندز»، من خلال الكلمة التي وجهها رئيس مجلس الوزراء حسان دياب الى اللبنانيين، حيث شرح أسباب عدم السداد، عازيا الأمر الى «السياسات الاقتصادية الماضية»، تنتظر الأيام المقبلة إعلانا حكومياً جديداً عن خطة اقتصادية – مالية واضحة لانقاذ ما يمكن انقاذه بعد تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية للمواطن اللبناني يوما بعد يوم.

 

لكن اللافت هو حملة الانتقادات الواسعة التي طالت كلمة الرئيس دياب التي خلت من أي حديث عن برنامج او خطة انقاذية مستقبلية تعمل الحكومة على تطبيقها، بالتزامن مع الاجتماعات واللقاءات الاقتصادية والمالية المكثفة التي يجريها دياب بعيدا عن الاعلام والتي لم ولن تتوقف.

 

وفي هذا الاطار، استوضحت «اللواء» مصادر سياسية اقتصادية متابعة للاوضاع الراهنة عن الخطة التي يمكن للحكومة اتباعها لانقاذ الوضع، فاعتبرت هذه المصادر أن على الحكومة قبل كل شيء وضع خطة اصلاحية لتنفيذها، مشيرة الى ان هذه الخطة لا يمكن القيام بها اذا لم يتم ضخ سيولة في الاسواق المالية، باعتبار ان الجميع يعلم النقص الحاصل في السيولة، وترى المصادر أن كل المؤشرات توصل الى عدم استعداد أحد في أي قطاع كان، وأي دولة صديقة أو شقيقة لا سيما الدول المانحة ضخ أموال في لبنان دون وجود اصلاحات ملموسة، وتشدد ان الطرف الوحيد الذي يمكن مساعدتنا هو صندوق النقد الدولي المرفوض من قبل بعض الاطراف في لبنان وتحديدا «حزب الله». وتذكّر المصادر ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري رفض السير ببرنامج الصندوق، لكنه استطاع انقاذ لبنان لفترة خصوصا انه كان هناك مواكبة دولية للبلد من خلال مؤتمرات الدعم له لا سيما مؤتمر «باريس 1» وما تلاه.

 

ولكن اليوم فان كل المعطيات، حسب المصادر، اختلفت بحيث وصلنا الى مرحلة عدم الثقة بلبنان دوليا، خصوصا انه لم يفِ بالتزاماته الاصلاحية التي وعد بتنفيذها خلال المؤتمرات الدولية المتعددة والتي عقدت خصيصا لدعمه ومساعدته.

 

من هنا، تؤكد المصادر أنه «لم يعد أمامنا الا الاستعانة بصندوق النقد الذي يمكنه وضع برنامج اصلاحي شامل بالتعاون مع الدولة اللبنانية، وبالتزامن باستطاعته وحده ضخ الاموال في السوق اللبنانية بحيث هو من يملك العملة الصعبة، وتعتبر المصادر انه بهذا التدبير يمكن اعادة النهوض بالاقتصاد مع البدء بالقيام بالاصلاحات تحت اشراف الصندوق بشكل مباشر، والتي يتوقع أن تكون موجعة على كل اللبنانيين».

 

وانتقدت المصادر ما اعلنه الرئيس دياب خلال كلمته السبت الماضي بانه «من غير الطبيعي ان يكون حجم المصارف اكبر اربع مرات من حجم الدخل القومي»، واعتبرت ان هذا الموقف ربما هو تلميح لتخفيف حجم المصارف، مشيرة الى ان هذا الامر لا يمكنه مساعدة المصارف. مع العلم وبحسب المصادر فان المصارف في حال عملت بشكل اكبر فهذا يعني انها ستدفع ضرائب اكثر للدولة، وبامكانها ايضا منح تسليفات مدعومة من الدولة الى القطاع الخاص، اذا أرادت الحكومة السير باتجاه سياسة اقتصادية منتجة، من خلال تقديم المساعدات الى القطاعات الانتاجية، وحماية الانتاج الوطني والزراعة من المنافسة خصوصا الاتية من سوريا.

 

وتنتقد المصادر اعتبار دياب أن السياسات الاقتصادية منذ 30 عاما كانت تتكل على الدين من دون برنامج، وذكّرت بأن مؤتمر باريس 2 عقد على أساس برنامج شامل، واتت المساعدات والدعم للبنان على اساسها، ولكن تعود وتشير المصادر الى ان الدولة اللبنانية لم تطبق وقتها هذا البرنامج، وهي اخلت بالتزامها بالاصلاحات بسبب الخلافات السياسية في وقتها.

 

وتشدد المصادر الى ان البرامج الاصلاحية وضعت منذ بداية العام 2000 اي منذ عهد الرئيس الحريري ولكن للاسف لم تطبق، وتذكّر ان قانون الكهرباء وقانون تنظيم قطاع الاتصالات تم التصويت عليهما في المجلس النيابي العام 2002، ولكن الفريق نفسه هو من استلم هاتين الوزارتين منذ تلك المرحلة ولم يطبق اي من القانونين.

 

وتعود المصادر الى الكلام الذي كان يردده الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما كان يصر على تطبيق الاصلاحات، ويعلن انه اذا لم يتم تطبيق الاصلاحات ستجبر الدولة للقيام بها بطريقة موجعة اكثر واكثر مع تقدم السنوات وللاسف وصلنا الى هذه المرحلة.

 

وتعتبر المصادر ان على حكومة الرئيس دياب تطبيق الاصلاحات بما فيها وضع ضرائب على الكماليات والقيام باعادة هيكلة كاملة للدولة اللبنانية من راس الهرم الى ادناه، من خلال دراسة  شاملة لوضع الادارة واعادة النظر بعدد موظفي القطاع العام، اضافة الى تشديد القيام بالجباية لكافة القطاعات ومراقبة موضوع التهرب الضرائبي والجمركي، كذلك القيام بالخطوات المطلوبة لتشجيع القطاع الزراعي، معتبرة ان لبنان سيكون تحت مجهر صندوق النقد الدولي الذي سيكون مراقبا لكل الاجراءات التي يقوم بها، خصوصا ان لا نية لدى اي دولة بتقديم اي دعم او مساعدة لنا دون البدء بشكل جدي وفعلي بتطبيق برنامج صندوق النقد الدولي الذي يجب ان يوضع بالتعاون مع الوزراء المختصين في الدولة اللبنانية.

 

وتتوقع المصادر ان تكون السنوات المقبلة على لبنان صعبة من خلال برنامج الصندوق الذي من الطبيعي ان يكون موجعا، ولكن حسب هذه المصادر لا بد من تطبيقه لانتشال الاقتصاد اللبناني كما حصل مع اليونان وقبرص خصوصا ان الصندوق لا يمكنه ترك لبنان  في منتصف الطريق بل سيستمر بضخ الاموال لاعادة انتعاش الوضع.

 

أما بالنسبة للمؤسسات الدائنة، فترى المصادر بأنه كان يجب على الحكومة اجراء مفاوضات معها قبل الوصول الى الموعد المحدد للدفع، وذلك لشرح الاسباب التي اوصلت لبنان لاتخاذ موقفه بعدم السداد، كما كان بامكان الحكومة مفاوضة الدائنين الخارجيين لكيفية اعادة جدولة الدين المستحق من خلال ربما دفع قسم من المستحقات، او تخفيض الفائدة او الدين العام، لكي تستمر الثقة الدولية بلبنان. وتعتبر المصادر ان العملية كانت تحتاج الى وقت مسبق للتفاوض قبل اتخاذ القرار عشية موعد الاستحقاق.