IMLebanon

في الأسئلة المقيمة

في الخبر الذي عبر برقياً وسريعاً منذ أيام، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على «تنسيق جهود البلدين لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط».

الخبر المذكور وزّعه الكرملين في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، أي بعد ساعات على تشييع سمير القنطار في الضاحية الجنوبية لبيروت، ومن دون أي إضافات أو استطرادات أو تفسيرات ذات شأن. كما من دون أي تعقيب عليه من الفريق الممانع في نواحينا، برغم ثقله وأهميته.

والتطنيش الممانع إزاء دور روسيا في سوريا، يطال في الواقع، كل ما يتصل بإسرائيل في ذلك الدور. وفي قمته ذلك التنسيق المفتوح بين غرف العمليات الحربية لدى الطرفين، وصولاً إلى مجاهرة بوتين بـ»حق» تل أبيب في «حماية مصالحها» في سوريا!

غير أن أمر الإرهاب، مباشر ولا يحتمل المواربة ولا الزوغان. أي إذا كان ما تفعله موسكو عسكرياً ضمن الهدف المشترك مع الممانعة التي تقودها إيران، والخاص بحماية بقايا سلطة الرئيس السابق بشار الأسد، يُبرر الصمت عن استطرادات بوتين الخاصة بمصالح بلاده مع إسرائيل، فأي منطق يمكن أن يبرّر الصمت إزاء موضوع الإرهاب؟!

تتفق موسكو مع طهران و»حزب الله» استطراداً، على اعتبار كل المعارضة السورية المسلحة «إرهاباً». والعمل الميداني يؤكد ذلك في كل حال، ولا ينفيه. لكن، هل تتفق موسكو مع تل أبيب، على اعتبار «حزب الله» تنظيماً إرهابياً؟ وهل يعني الخبر الذي وزّعه الكرملين عن «اتفاق» بوتين ونتنياهو على «تنسيق جهود البلدين لمكافحة الإرهاب»، أن القيادة الروسية، المهمومة أكثر من واشنطن بالمناسبة، بـ»أمن إسرائيل»، تسلّم لإسرائيل التصرّف وفق أجندتها الخاصة في سوريا؟ وهل يعني التنسيق المستند إلى «حق» إسرائيل في «حماية مصالحها» أن روسيا تتكفّل بـ»الإرهاب السنّي» وإسرائيل تتكفّل بـ»الإرهاب الشيعي»؟ وهل تعني كل تلك المعطيات الشفّافة(!) أن تقسيم العمل يشمل حُكماً، جبهة الجولان المحتل؟ وأن روسيا تلعب الدور الذي خسرته السلطة الأسدية لجهة حماية الهدوء على تلك الجبهة من داخل سوريا.. ومع كل ما تستدعيه متطلبات تلك الحماية بما فيها «منع» «حزب الله» وإيران من خلفه من بناء أي حيثية «لمقاومة» مفترضة في المرتفعات المحتلة؟ و… ألا يمكن تبعاً لذلك، أن يكون قتل سمير القنطار جزءاً من داخل النص الخاص بتلك المتطلبات وليس من خارج ذلك النص؟!

هذه الأسئلة وغيرها، وفوقها صلابة القرار الدولي 1701، تجعل من الافتراض السعيد ممكناً، بأن الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله توجّه في خطابه الأخير إلى إسرائيل لكن عينه الأخرى كانت على روسيا! توعّده بالرد على قتل القنطار كان أمراً بديهياً، لكن ذهابه إلى فلش خريطة الرد المحتمل من الناقورة اللبنانية إلى الجولان السوري يحمل شبهة تمرد على «النفوذ» الروسي بقدر ما يحمل تهديداً للإسرائيليين!

.. الخبر عبَر، لكن الأسئلة ستبقى مطروحة، لأنها في الواقع أثقل من أن تُحجب تحت ضجيج المحور الواحد المدافع عن الأسد، طالما أن صنوه هو ذلك «التنسيق« بين روسيا وإسرائيل، والذي وصل إلى «الإرهاب».. ويُترجم فعلياً وواقعياً من القلمون إلى جوبر إلى تخوم الجولان «المحتل»!!