عجّل انفجار مرفأ بيروت باستقالة الحكومة، التي كانت شهدت، اول استقالة لوزير منها، ناصيف حتي، قبل يوم من الكارثة التي حلت بلبنان، وبعد ايام على مغادرة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، الذي اصطدم برئيس الحكومة حسان دياب، حول الاصلاحات، والمعلومات المغلوطة التي حملها عن هذا الموضوع، ليأتي الانفجار وحضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت، بعد اقل من 48 ساعة لوقوعه، وإعلانه عن ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأبلغ ذلك الى من التقاهم من رؤساء كتل نيابية في مجلس النواب، في اشارة منه الى ضرورة استقالة الحكومة الحالية، لفتح الطريق أمام اخرى، تعكس التمثيل النيابي.
فهم الرئىس دياب، ان حكومته المحاصرة دولياً من اميركا وحلفائها، لن تعمّر طويلاً، وان ما قاله ماكرون سيترجم، باستقالة وزراء من حكومته، تحت هول الجريمة، فقرر الاستقالة، بعد ان رأى ان اقتراحه لإجراء انتخابات نيابية مبكرة تشرف عليها حكومته خلال شهرين، لم يلق التجاوب من الرئيس نبيه بري، ولا من «التيار الوطني الحر» كأحد مخارج الحلول، وفق مصدر وزاري، الذي اشار الى ان رئيس الحكومة، لم يكن مرة في نيته الاستقالة، بل كان يصر على الوزراء العمل والانتاج والتضامن الوزاري، لان مهمتنا انقاذية وفق خطة «التعافي المالي»، وإاجراء تحقيق حول الفساد ووقف الهدر والانفاق غير المجدي، كما انه كان يرفض ان يستقيل وتتحول الحكومة الى تصريف اعمال، وهو لن يقبل ان تطول هذه الفترة، والبلاد تمر بازمة مالية ـ اقتصادية واجتماعية وكارثة وطنية.
ولم تكن اشارة الرئيس الفرنسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، هي الرسالة الاولى التي تلقاها دياب، تقول المصادر، بل سبقتها رسالة من نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الى قيام حكومة «لم الشمل»، واقترح سعد الحريري لرئاستها، لانه يمثل «المكون السني» في ما يسمى «الميثاقية»، وكانت دعوة صريحة من الفرزلي للحكومة بالاستقالة ولرئيسها بالرحيل، اذ ان هذه المطالبة من شخصية قريبة من رئىس الجمهورية، ونائب عضو في «كتلة لبنان القوي»، ونائب رئيس المجلس النيابي الذي يطبخ مع رئيسه بري، الكثير من الطبخات السياسية والتسويات، فان كلامه لم يأتِ من فراغ، وان برره هو، بالحفاظ على الاستقرار، وعدم انزلاق لبنان نحو الهاوية اكثر، وحصول فتنة طائفية فيه، بتأليف حكومة من كل الاطراف، والتقى في ذلك مع الدعوة ـ الرسالة التي فاتح بها الرئيس الفرنسي المسؤولين والقيادات في لبنان.
اما وان الحكومة برئاسة دياب استقالت، فهل تشكيل حكومة وحدة وطنية سهلة المنال، والطريق امامها مفتوحة، ومن سيكون رئيسها. وهل يعود الحريري الى السراي، وبأي شروط هل تلك التي رفعها بعد استقالته نهاية العام الماضي، وطالب بحكومة محايدين يرأسها هو، ولقيت رفضاً من «الثنائي الشيعي» (امل وحزب الله)، كما من «التيار الوطني الحر»، وكذلك من رئىس الجمهورية؟
فما هو شكل الحكومة التي ستؤلف ومن هي الشخصية التي سترأسها؟
هذه الاسئلة مطروحة، قبل ان يعلن رئيس الجمهورية مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة، وغير المحددة بوقت وفق الدستور، الذي يؤكد على انه بعد استقالة الحكومة، يدعو رئيس الجمهورية الى الاستشارات، فهل ستكون الدعوة سريعة، ام ستتأخر، للتوافق على الحكومة المقبلة؟
ان الشروط التي وضعها الحريري لحكومة حيادية، وطالب فيها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مؤخراً، تعني وفق تفسير لاحد السياسيين في «محور المقاومة»، على انها محاولة لاخراج حزب الله وحلفاءه من الحكومة، وهذا مطلب اميركي، لن ينفذ، وقد سبق وطرح في اثناء تشكيل حكومات سابقة، وكان مصيرة الفشل، وان الرئىس ماكرون كان عاقلاً عندما اجتمع مع رئىس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، واعلن ان حزب الله مكون سياسي وشعبي، ونوابه منتخبون من الشعب.
فهل نحن امام «سيناريو» مشابهاً للعام 2005، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واستقالة الرئيس عمركرامي من الحكومة التي جاءت بعد التمديد للرئيس اميل لحود، وصدور القرار 1559، وقبول اميركا برئاسة جورج بوش الابن، بتسوية داخلية، شكلت على اثرها حكومة وشارك فيها حزب الله عبر الوزير طراد حمادة، ليقوم تحالف رباعي في الانتخابات النيابية اعطى الاكثرية لقوى 14 اذار؟