إستقالة وزيري «الكتائب» تهدد السفينة الحكومية بالغرق
سلام يستشعر مخاطر كبيرة ويحاذر اتخاذ أي خطوة في المجهول
جاءت استقالة وزيري «حزب الكتائب» لتراكم أعباء الهم الحكومي وتزيد من حجم المعاناة التي يواجهها مجلس الوزراء المثخن بالجروح والانقسامات والعاجز عن إيجاد الحلول للكثير من الملفات التي ترخي بثقلها عليه، الأمر الذي سيعرض الحكومة لاهتزاز كبير في المرحلة المقبلة، قد لا يكون ممكناً خروجها سالمة منه، ما يجعل استقالتها أمراً وارداً في كل لحظة، سيما وأن الرئيس تمام سلام، ربما يجد نفسه مضطراً لاتخاذ خطوة كان يتردد كثيراً في اتخاذها، إذا ما وجد أن الوضع ما عاد ممكناً تقبله في ظل واقع الاهتراء القائم وغياب الإحساس بالمسؤولية لدى بعض الأطراف في الحكومة وخارجها.
واستناداً إلى المعلومات التي توافرت لـ«اللواء»، فإن الرئيس سلام الذي تفاجأ بقرار استقالة وزيري «الكتائب» في هذا التوقيت الدقيق الذي تمر به البلاد، يرى أن التصدع الذي يواجه الجسم الحكومي سيصيب الجميع بضرر كبير ولن يسلم منه أحد، الأمر الذي يفرض على المكونات الوزارية أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وتبادر إلى إنقاذ السفينة الحكومية من الغرق، من خلال خطوات مدروسة وقادرة على إخراج البلد من المأزق وليس بافتعال أزمات جديدة لا قدرة على تحملها في هذه الظروف الخطيرة.
وأكدت أوساط وزارية لـ«اللواء»، أن استقالة وزيري «الكتائب» لن تكون نافذة طالما أنهما مستمران في الحضور إلى وزارتيهما ولم يقدماها خطية، وبالتالي فإنهما سيبقيان يداومان في مكاتبهما الرسمية حتى لو لم يحضرا جلسات مجلس الوزراء، كاشفة عن اتصالات تجري مع رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل للعودة عن قرار الاستقالة، خاصة وأن هناك أطرافاً داخل «الكتائب» ما كانت مؤيدة لقرار الاستقالة، كما أن هناك من تفاجأ به، مشددة على أن العمل الحكومي سيستمر، بالرغم من الظروف الصعبة والمعقدة التي يواجهها لبنان، فلا يمكن أن يتوقف مجلس الوزراء عن العمل وسيستمر في عقد الجلسات ولو بغياب «الكتائب»، ومستبعدة أي توجه حالياً لاستقالة الحكومة، باعتبارها الحصن الدستوري الأخير الموجود، وبالتالي فإن تداعيات سياسية لا يمكن توقعها ستترتب عن أي قرار بالاستقالة من جانب الرئيس سلام الذي يدرك خطورة ما يتهدد البلد في حال اتخذ مثل هذا القرار.
وتشير الأوساط الوزارية إلى أن الرئيس سلام يسعى جاهداً من أجل التوصل إلى مقاربات مشتركة حيال العديد من الملفات المطروحة، لأنه لا يريد أخذ الأمور إلى مزيد من التأزم، وهذا ما يتطلب من المكونات الوزارية تفهم هذا الواقع وتقديم الحلول التي من شأنها تنفيس الاحتقان السائد ونزع فتيل التوترات السياسية بأقل الخسائر الممكنة وتفادي الدعسات الناقصة وغير المدروسة التي ترتد بعواقب وخيمة على الجميع. وكشفت أن هناك اتصالات تجري لمعالجة ملف أمن الدولة في إطار القوانين والأنظمة وإن تطلّب ذلك مزيداً من الوقت والجهد، نافية كل ما يُشاع في وسائل الإعلام عن سيناريوهات افتراضية لا أساس لها من الصحة، لأن المطلوب إجراءات تساعد على الحل وليس العمل على تأزيم الوضع أكثر فأكثر، ولذلك يعمل رئيس الحكومة على اعتماد طريق الحوار والتفاهم والتروي في معالجة القضايا الشائكة المعروضة على مجلس الوزراء، لأن سياسة العناد والفرض لن توصل إلى شيء، بقدر ما تؤزم الأوضاع أكثر فأكثر وتضع البلد على شفير الانهيار على كافة المستويات، وبالتالي فإن لا مخرج من هذا الواقع المزري إلا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفي أسرع وقت، لتفادي استمرار الشغور القاتل والمدمر.