Site icon IMLebanon

المسؤولية  

لا يمكن إلاّ التوقف عند المبادرة التي طرحها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمس، حول إقامته لقاءً حوارياً يوم الاثنين المقبل حول سلسلة الرتب والرواتب، وفي الوقت ذاته لا يمكن إلاّ تقدير وتثمين موقف دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة عندما دعا الى الخروج من متاهة الزيارات الوزارية الى دمشق، طالباً شطب ما أثير حولها في الجلسة من جدول الأعمال محذراً من أنّ الإمعان في هذا الجدال من شأنه أن يترك تداعيات سلبية على الوطن والمواطن، فالرئيسان يتصرفان من موقع المسؤولية الوطنية الكبرى الملقاة على عاتقيهما  في مجال السلطة التنفيذية.

ونعود الى اللقاء الحواري الموسّع في القصر الرئاسي بشأن «السلسلة» التي يدور حول توقيع الرئيس عون قانونها أو عدم توقيعه لغط كبير، فدفعاً لهذا اللغط، وتداركاً للمخاطر الكبيرة التي قد تترتّب على إقرار القانون وأيضاً على عدم إقراره، ارتأى فخامة الرئيس عون أن يشارك المعنيين جميعاً في تحمّل المسؤولية من الموقع الوطني الذي لا يمكن لأي شخص أن يتهرّب أو يتنصّل منه.

ومن نوعية الأطراف المدعوّة الى المشاركة في اللقاء الحواري يتّضح أنها موسّعة، بحيث تشمل الجميع تقريباً… بداية رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري والهيئات الاقتصادية والنقابية والمالية والمدارس الخاصة والمعلمين والمتعاقدين والمتقاعدين… الى الوزراء المعنيين وأبرزهم وزيرا المال والموازنة والاقتصاد الوطني.

وتجدر الاشارة الى أنّ فخامة الرئيس سبق له أن حدّد موقفه قبل إقرار قانون السلسلة وقانون الضرائب الموجبة لتغطية نفقاتها… وفي موقف فخامته المسبق إصرار على ضرورة إقرار الموازنة قبل السلسلة حتى لا يقع البلد في المحظور… إلاّ أنه لم يؤخذ برأيه فكان إقرار السلسلة والضرائب قبل إقرار الموازنة العامّة… ما أدّى فعلاً الى الوقوع في المحظور، بدليل ما نراه اليوم من أخذ ورد، وتجاذب، واتهامات متبادلة…

وفي أي حال فلا بدّ من الإشارة الى المعلومات المتوافرة بقوة والتي تشير الى أنّ الوضع الاقتصادي في البلاد بات على حافة هاوية عميقة الأغوار… ولا يجوز في أي حال من الأحوال دفعه الى قعرها، ويبدو أنّ التقارير العديدة التي رُفعت الى فخامة الرئيس أسهبت في الدخول في تفاصيل هذا الوضع البالغ الخطورة والذي لم يعد ممكناً التغاضي عنه إطلاقاً(…).

ولكن، في المقابل، لا يمكن أيضاً تجاهل الوضع الاجتماعي للموظفين (على خلاف أسلاكهم ودرجاتهم) الذين لا تزال مرتباتهم وتعويضاتهم على حالها منذ نحو 16 سنة… بينما ارتفعت تكاليف الحياة في هذه المهلة الزمنية الطويلة مرات عديدة… إذ أين كانت الأسعار وأين أصبحت؟ والجميع يعرف الجواب.

وهنا المأزق: إذ كيف يمكن التوفيق بين حق الموظفين وسائر المستفيدين من قانون السلسلة وبين حق سائر المواطنين في ألاّ تكون تغطية مستلزمات السلسلة على حسابهم ومن جيوبهم! وأيضاً بين ذلك كله وبين حق الاقتصاد الوطني في عدم الإنهيار.

من هنا، نرانا نؤيّد المبادرة التي أقدم عليها فخامة الرئيس العماد ميشال عون لكي يشارك الجميع في تحمّل المسؤولية الوطنية ازاء قضية في هذا المستوى الرفيع من الأهمية والخطورة.