IMLebanon

الدقّ محشور رغم  ان النتيجة محسومة!

أصعب من الاقامة في قصر بعبدا هو الوصول اليه. كل الرئاسيات منذ الاستقلال والى يومنا هذا أثبتت رسوخ هذه الحقيقة. ولعلّ رئاسة العماد عون كانت من بينها الأكثر صعوبة وتعقيدا وفرادة، وكأنها تعكس حال الشخص نفسه! ورحلته في الوصول من الرابية الى بعبدا كانت في غرابتها أشبه بالرحلات الفضائية من حيث الزمن الطويل الذي تستغرقه، ولكنها مثلها أيضا نجحت في النهاية بالهبوط الآمن على سطح الكوكب! وبصرف النظر عن أي اعتبار آخر، أو التباسات أو تعقيدات، فان ما يحدث اليوم على صعيد الرئاسة هو حدث استثنائي في حد ذاته، يستمد أهميته من مجرّد حدوثه، لأنه بذلك ينهي شغورا رئاسيا قاتلا دام نحو سنتين ونصف السنة، في ظروف اقليمية ودولية، كانت الشياطين والأبالسة هي الراقص الأعظم على مسرح المنطقة! وهي فترة زمنية غير قليلة وتضاهي أكثر من ثلث ولاية رئاسية!

انتظر الجميع كلمة الرئيس سعد الحريري، وكانت الأنظار كلها تتجه الى بيت الوسط. وكانت اطلالة الحريري أخيرا، مدروسة جدا بدقّة متناهية، في الشكل والنبرة والطلاقة. وكذلك في المضمون، وتناسق المنطق الذي قاده الى اتخاذ القرار… ولكن من يرغب في تسجيل المآخذ فذلك متاح، لأن الكمال ليس من صفات البشر! الرئيس الحريري شاط الكرة وسجّل هدفا ثمينا لمصلحة انهاء الشغور الرئاسي.

والكرة الآن في ملعب العماد عون وحليفه صانع الألعاب في الخلف والذي يدير المباراة واللاعبين، أي حزب الله! ومع ذلك فان الدقّ محشور على الرغم من أن نتيجة المباراة محسومة… إذ لا يكفي الفوز، وانما الهدف هو ألا يكون الانتصار بطعم الهزيمة!

هذا يعني ان الأيام الفاصلة عن جلسة الانتخاب ستكون حاسمة في رسم ملامح العهد الجديد، فاما أن يكون عهد توافق وتوازن واتزان، ويحشد جهود الجميع للانتقال من المزرعة الى الدولة. واما أن يزرع قنابل عنقودية مبثوثة عشوائيا في كل مكان، وتنفجر عند كل دعسة كاملة أو ناقصة! وكما ثبت في التاريخ القديم والحديث في لبنان والعالم، فان كل عهد يشبه صاحبه أولا وأخيرا. ومن طبيعة العماد عون انه لا يستطيع المراوحة طويلا في الوسط وفي المكان نفسه، ولا بد له من السير حتى الوصول الى نهاية الخط، في هذا الاتجاه أو في الاتجاه المعاكس! أي، اما أن يكحّلها، أو أن يعميها!