العالم بأسره محكوم دائماً بالديمقراطية والحرية، وأيضاً محكوم من مجموعة سياسية تعيش زمن التمرُّد على القوانين وتُجبر شعوبها على العيش في ظروف لا تحقق كرامته كإنسان وهذا الأمر يعيشه الشعب السوري منذ سنين طويلة وما زالت تحصل لغاية اليوم وأغلبها مرّت من دون أنْ يُعاقب المجتمع الدولي سلاطين السياسة السورية، في ظل ما يمارسه حكام سورية من ويلات على شعبهم والتي إتسمّت في العهود الماضية والحاضرة بالقهر والاستغلال والقمع المخباراتي والإهانة لإنسانيته.
لقد اعترف المجتمع الدولي بحقوق الإنسان كأساس لا يمكن إستثناؤه لإيجاد منظومة سياسية تسودها العدالة والسلام والطمأنينة والعدل والمحبة والديمقراطية، وهذا ما أكدته الشرائع الدولية بمسؤوليتها المشتركة في دعم حقوق الإنسان عامة على كافة المستويات والمحافظة على نصوصها من التهميش بما فيه إحترام الإلتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي.
حق عودة هؤلاء النازحين إلى سورية هو حق مقدّس مكرّس لهم في الشرائع الدولية وفي ميثاق جامعة الدول العربية، لقد خرجوا من وطنهم لعدة أسباب منها القمع – الحرب – الفوضى – التسييس (غالباً ما نسمع أنّ أغلبية النازحين هم من المعارضين) هذا أمر مرفوض بقوة حق عودة هؤلاء إلى ديارهم حق مقدّس وهذا الحق ينطبق على كل سوري وسورية رجلاً وإمرأة كذلك على ذرية أيٍ منهما مهما بلغ عددهم وأماكن تواجدهم ومكان ولادتهم وظروفها السياسية والإجتماعية والإقتصادية.
هناك اليوم ما يزيد على مليونين ونصف مليون سوري في لبنان إضافةً إلى مجموعة وافدين ومقيمين من دون أوراق قانونية يعيشون خارج حدود دولتهم ويتواجدون في أغلبية المحافظات اللبنانية وبالنسبة للواقع الديمغرافي اللبناني وإستناداً لإحصاء شركة وكّلتها بإجراء مسح شبه كامل وشبه رسمي ويشكلون نسبة ما يُقارب الـ 23% من إجمالي الشعوب المتواجدة في لبنان سواء أكانوا بطريقة شرعية أو غير شرعية، إضافة إلى ذلك هؤلاء النازحين يُقاسمون الشعب اللبناني الوظيفة ولقمة العيش وما إلى ذلك من مزاحمة غير شرعية.
ليعلم من يُحاول تسييس عودة النازحين السوريين أنّ هناك خطورة كبيرة من سيطرة اليد العاملة السورية على اليد العاملة اللبنانية وهذا الأمر يُفاقم أرقام البطالة في صفوف الشباب اللبناني في السوق المحلية التي باتت تفتقد لليد العاملة اللبنانية في السوق المحلية وقد استبدِلًتْ بأجنبية وتحديداً سورية ولا داعي لكشف حقيقة أنّ اليد العاملة اللبنانية هُجرّتْ قسراً وحتى طوعاً طلباً للرزق في عالم الإغتراب دونما تحريك أي ساكن من قبل السلطات اللبنانية. هل اطّلع المسؤولون اللبنانيون أنه بسبب النازحين السوريين هناك حوالي مليون و200 ألف لبناني يعيشون حالياً تحت خط الفقر لسببين الأول سوء الإدارة السياسية اللبنانية وثانياً واقع النازحين السوريين وما يخلفونه من ويلات على كافة الصعد.
كلما مرّت الأيام تتعاظم عملية تسييس عودة النازحين السوريين إلى ديارهم وهناك صراعات تضعضع الرغبة الدولية والمحلية والإقليمية لإعادة هؤلاء إلى ديارهم، وليس من باب الصدفة أن يحتقن الشارع اللبناني في أسوأ وضع سياسي – إقتصادي – إجتماعي – مالي – أمني قائم والمؤسف أنّ الشارع اللبناني حرّكته عصابات لا تريد الخير للبنان وللنازحين السوريين وترافق هذا الأمر مع حملة إعلامية نفسية سيقع النازحين فريستها والجدالات القائمة على مواقع التواصل الإجتماعي هي ذات صلة بمجموعة ساسة تسوس بغبن وإستعلاء وتغذية الفتنة، لأقول لكل هؤلاء وفّروا تلك النقاشات العقيمة التي تضر ولا تُفيد وتؤخر عملية عودة النازحين إلى سورية.
النازحون السوريون سيعودون إلى ديارهم وعلى المؤسسات الإنسانية الدولية التعاون بما صدر وسيصدر عن حكومة تصريف الأعمال من بنود وهي مناسبة تتيح تسليط الضوء على الأهمية الجوهرية للعمل التي تقوم به الجهات المحلية والدولية لعودة هؤلاء إلى ديارهم ولتكن المساعدات الني تقدمها الأمم المتدة داخل سورية وليس في خارجها وللمسؤولين اللبنانيين أختم لأقول حذار تسييس عودة النازحين السوريين ستُحاكمون على هذا الجرم إن تماديتم.