عادت حركة الإصطفافات السياسية إلى الواجهة من جديد، وذلك على خلفية الأحداث التي جرت في منطقة البساتين ـ قبرشمون، وعلم في هذا الصدد، بأن الأيام القليلة المقبلة ستشهد مزيداً من اللقاءات والمشاورات بين القوى التي كانت تنضوي في فريق 14 آذار، ولا سيما على خط كل من الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية».
وفي هذا السياق، تشير الأجواء التي لها صلة ببيت الوسط بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط، بأن هذا اللقاء كان على قدر كبير من الأهمية حيث عُرضت خلاله كل الملفات المطروحة على بساط البحث، وبالتالي، يمكن القول أن هذه العلاقة عادت إلى سابق عهدها وتم الإتفاق على سلسلة خطوات في ضوء السيناريوهات والمخارج التي أعدت في حال انعقد مجلس الوزراء بعد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري والحراك الذي يقوم به المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بمعنى أنه سيكون هناك تناغم وتنسيق إشتراكي ومستقبلي وقواتي في هذا الصدد، إضافة إلى التوافق بين هذه المكوّنات الثلاثة على مواجهة تداعيات المرحلة المقبلة، وذلك من ضمن التوافق في ما بينهما، ومردّ ذلك وفق المتابعين لمسار الأوضاع، أن إشارات وصلت إلى بيت الوسط لضرورة انطلاق هذه المواجهة، والدلالة على ذلك المواقف التي توالت خلال الأيام الماضية، والتي حملت تصعيداً واضحاً تجاه الوزير جبران باسيل، ولا سيما من قبل النائب سمير الجسر، والذي يعتبر من الحمائم في تيار «المستقبل»، إلى عودة حراك رؤساء الحكومات السابقين ولقائهم برئيس الحكومة، ما يدل ويوحي بأن هناك مرحلة جديدة بدأت معالمها تنقشع من خلال هذه الأجواء والتحرّكات المشار إليها، مع المزيد من الخطوات التي ستظهر في وقت ليس ببعيد، أي مواجهة الفريق الآخر بعد تعطيل الحكومة ومحاصرة جنبلاط واستهدافه، وهذه التحركات إنما جاءت بعد سلسلة اتصالات وجولات داخلية وخارجية بعيداً عن الأضواء، ولا سيما زيارة رؤساء الحكومات السابقين إلى السعودية.
ويرى البعض ممن يتابعون ما يحصل في هذه المرحلة البالغة الدقّة، بأن مفاعيل هذه الزيارة بدأت تظهر من خلال المواقف التي أعلنت على لسان بعض نواب تيار «المستقبل»، والتي صبّت كلها في إطار المواجهة مع «التيار الوطني الحر»، وتحديداً مع الوزير باسيل، وفي هذا المجال تسأل أكثر من جهة سياسية أنه أمام هذه التغيرات والتحوّلات الأخيرة ماذا عن التسوية الرئاسية والعلاقة بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»؟ هنا يظهر أن التسوية اهتزّت بشكل حقيقي، وبالتالي، فإن الحريري متوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على العمل ضمن الصلاحيات المتوافق عليها لكلاهما ولخير ومصلحة البلد، وذلك بمعزل عن العلاقة بين «التيار» و«المستقبل»، أو ما يقوم به الوزير باسيل من جولات مكوكية تحمل في بعض محطاتها مواقف تصعيدية تجاه هذا وذاك من الأطراف السياسية، ولكن يمكن القول أو الجزم أن هذه التسوية اهتزّت، وسقوطها قد يكون قريباً أمام هذا الكمّ من التباينات والخلافات.