بانتظار ما ستؤول اليه اجتماعات اللجنة الوزارية المعنية بالاصلاحات التي يفترض ان يتضمنها مشروع موازنة العام 2020، وقدرة الجهات السياسية المشاركة في الحكومة على الاتفاق على «رزمة» اصلاحات متكاملة تمكن البلاد من ولوج باب الانقاذ وتفادي المحظور، على الرغم من ان ما هو مطلوب وضروري من خطة شاملة تشمل كل الخطوات لاخراج لبنان من الواقع المزري يتطلب شمولة في كل المعالجة والاصلاح، وهو ما يفترض حصول الجزء الاكبر من الاصلاحات من خارج مشروع الموازنة، وهو الامر الذي اشار اليه نائب كتلة التنمية والتحرير انور الخليل.
ويقول مصدر نيابي قريب من أحد الاطراف المشاركة عبر احد وزرائها في اللجنة انه قبل وصول اللجنة الوزارية وبعدها مجلس الوزراء ومن ثم اقرار الاصلاحات في مجلس النواب، فالمسألة الاكثر ضرورة قبل حصول هذه الاصلاحات في الموازنة او عبر مشاريع قوانين ان تكون هناك رغبة جدية لدى القوى السياسية المعنية بوضع اي اجراءات سواء كانت شاملة او تتناول قضايا معينة قيد التنفيذ، وليس ابقاؤها في جوارير الوزراء او رئاسة الحكومة او الادارات الاخرى، على غرار ما حصل في مئات الحالات المماثلة، وانكباب القوى السياسية ومعها مجلسا النواب والحكومة وكل الجهات المعنية على اطلاق ورشة عمل متكاملة، والخروج من حال المناكفات وتسجيل النقاط والبطولات بين هذا الفريق او ذاك، وبالاخص رفع الغطاء السياسي عن كل ما يعيق تنفيذ الاصلاحات ووقف الهدر والفساد، وهو الامر الذي اكد عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات الماضية من خلال قوله «ان الوقت ليس للمزايدة بل لحل المشاكل، ولو ان كما يقول المصدر النيابي «تداعيات العاصفة التي حصلت في الاسبوعين الماضيين لم تقفل كل مفاعيلها السلبية» حتى الان سياسيا وشعبيا.
ويضاف الى ذلك، يلاحظ المصدر ان المصالحات التي حصلت في الفترة الاخيرة، في قصر بعبدا يوم اول من امس الخميس بشكل طبيعي، وما نقل عن رئيس الحكومة سعد الحريري ان لا مشكلة بينه وبين الرئيس عون، واخرها ايضا اللقاء غير المعلن الذي حصل يوم امس بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، ما يؤكد على استمرار التسوية الرئاسية، وهو الامر الذي اكد عليه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، لكن كل هذه المعطيات الايجابية على المستوى السياسي والتعاون بين بعض مكونات الحكومة، لم يبلغ الحدود المفترض بلوغها داخل الحكومة، وما تمثله من قوى سياسية متنوعة ومختلفة في آرائها وتوجهاتها، ولذلك يشير المصدر الى عشرات ومعطيات كثيرة يفتقدها حتى الآن في عمل الحكومة وهي : العمل الحكومي، حتى يمكن الاطمئنان الى مسار المعالجات ومن اهمها:
1- الى جانب غياب التضامن الحكومي، لم يمكن التوصل بين وزرائها واستطراداً القوى السياسية الى خطة وحتى لو لم تكن متكاملة وشاملة لما هو مطلوب من اجراءات ومعالجات، وانه في حال حصول توافق على رزمة من الخطوات الاصلاحية، فليس هناك ما يضمن تنفيذها، ما دام ان اداء وتعاطي كل الاطراف السياسية او معظمها لم يخرج عن نطق الحسابات الحزبية والسياسية، وما حصل في عشرات المحطات حتى خلال عمر الحكومة الحالية وبالاخص ما تضمنته موازنة العام الحالي من بعض الاجراءات الجزئية في قضايا لها علاقة بالاصلاح الاداري والمالي، ومن له علاقة بإقرار الحق للناجحين في مجلس الخدمة المدنية، يضاف اى ذلك مسائل اخرى بينها معالجة التوظيف العشوائي الذي حصل أيام الحكومة السابقة خلافاً للقانون.
3- تحوّل أي توجه اصلاحي في اي مرفق أو مؤسسة عامة، الى «كباش» طائفي – سياسي، مع كل مرة يتم طرح فيها مسألة لها علاقة بالاصلاح او محاربة المفسدين، واخرها ما يتعلق بأحد بنود مقررات اجتماع بعبدا الحواري بين الاقطاب والذي يشدد على الغاء وتصفية كل المؤسسات التي لم يعد لها اي دور، بل اصبحت مصدراً لهدر المال العام والاتفاق السياسي.
4- غياب التضامن او التنسيق بين الوزراء والوزارات بما يتناسب مع مقتضيات الخروج من الأزمة، بل ان تداخل الصلاحيات في كثير من الملفات والقضايا يؤدي الى تعطيل كل فعل جدي في النسبة الاشمل من هذه الامور، يضاف الى ذلك التلكؤ والفوضى وحتى كثير من الوزارات والوزراء يتعاطى بأمور وزارته على طريقة المثل القائل «كل يغني على هواه»، ما يفاقم من الازمة وتداعياتها ويحول دون تطبيق القوانين وتزايد الانفاق غير المجدي والسمسرات والتلزيمات المشبوهة وعلى ان المصدر النيابي لا يبدي تفاؤلاً كبيراً بوصول اللجنة الوزارية التي تبحث في الاصلاحات الى قرارات الحد الأدنى لمواجهة الازمة، فحتى ما قدمته «القوات اللبنانية» من اقتراحات لم تتناول كل ما هو مطلوب من اصلاحات تواجه اعتراضات من وزراء اكثر من فريق سياسي، تسير وفق النقاشات باتجاه احد الأمرين : اما الاخذ بجزء بسيط من هذه الاقتراحات، وهو الامر المرجح، واما حصول مشكلة مع وزراء القوات وانعكاس هذا الامر على الوضع الحكومي.