Site icon IMLebanon

إلى سفراء «الخماسية»: الأولويّة في عودة اللاجئين السوريّين

إلى سفراء «الخماسية»: الأولويّة في عودة اللاجئين السوريّين

 

 

مع استمرار تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانيّة، لا بدّ من أن تُعيد «اللجنة الخماسية» ترتيب أولوياتها وتُبدّي الأولوية لحلّ أزمة اللجوء السوري في لبنان، والذي يؤثر سلباً على الاقتصاد والأمن والاستقرار في البلاد. ونُحذّر من تداعيات هذا الملفّ الأساسيّ في ظلّ ارتفاع منسوب الاحتقان في المجتمعات المُضيفة، وتصاعد مستوى التهديدات والاعتداءات بحقّ اللاجئين، وممارسات التضييق عليهم لإخراجهم إلى سوريا قسراً ما دام المجتمع الدولي لا يتجاوب مع المطالبات اللبنانية الرسمية بالمساهمة في عودتهم إلى بلدهم طوعاً. ونُشدّد على أن لبنان لم ينضم إلى الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي أقرّت في جنيف عام ١٩٥١ والبروتوكول الملحق الصادر عام ١٩٦٧، في حين أقرّت مذكرة التفاهم الموقّعة عام ٢٠٠٣ بين المديرية العامة للأمن العام والمكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنّ لبنان غير مهيّأ ليكون بلد لجوء.

منذ تاريخ بدء الأحداث في سوريا عام ٢٠١١ تحمّل لبنان عبء اللاجئين السوريين الذي يقدّر عددهم بمليونيّ شخص، استوطنوا في تجمعات ومخيمات انتشرت عشوائياً في المناطق كلها، في حين تُظهر بيانات المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين أن المسجلين لديها يبلغون قرابة ٨٥٠ ألف لاجئ فقط. ويشكّل بقاء من دخل خلسةً إلى لبنان خطراً متعدّد الأوجه لا سيّما الجانب الأمني منه، حيث تشير الإحصاءات أنّ ٤٣ بالمئة من نزلاء السجون هم من السوريّين، والعدد في ازدياد دائم مع ارتفاع نسبة الجرائم التي يرتكبونها، وتتراوح بين جرائم التجسس لصالح العدو الصهيوني والقتل والاغتصاب والاعتداء المسلح والسرقة وحمل السلاح والمتاجرة بالمخدرات والتهريب، ناهيكم عن الحديث المتكرر عن إمكان تسليح المخيمات السورية لأن أكثرية السوريين مدرّبون على السلاح خلال خدمتهم الإجباريّة في الجيش السوري.

 

ويضاف إلى ذلك الخطر الاقتصادي الناتج عن المنافسة السوريّة في العديد من الأعمال التجارية والخدماتية خارج الأطر القانونيّة، واستفادتهم من البنى التحتية دون دفع أي بدلات أو رسوم أو ضرائب. وقد بلغت كلفة لجوئهم على الاقتصاد اللبناني أكثر من ٥٠ مليار دولار، في حين لم يحصل لبنان سوى على ٢٠٪ من المساعدات الدوليّة المقرّرة لدعم استضافة اللاجئين على أرضه. وفي الشق الاجتماعي، يشكّل الدّعم المادّي الذي يتلقاه اللاجئون من الجهات الدوليّة المانحة عاملاً رئيسيّاً في زيادة عدد الزيجات ومعدّل الولادات لديهم، وهناك آلاف المولودين السوريين في لبنان غير مسجلين ومكتومي القيد، ما يخلّ بالنسيج الديموغرافي، ناهيكم عن الثمن الذي يتكبّده نظام التعليم اللبناني بسبب هذا الأمر.

 

إنّ المطلوب من سفراء «الخماسية»، الحريصون على لبنان هو تأييد الموقف اللبناني في «مؤتمر بروكسل الثامن» لجهة إقناع الدول الأوروبيّة والغربيّة تبني مشروع إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق آمنة في سوريا وتقديم المساعدات والعطاءات لهم بعد عودتهم، ومساعدتهم في الاستقرار هناك من أجل المساهمة في إعادة بناء بلدهم المنكوب. ونُشير إلى أنّ المطلب اللبناني معطوفٌ على مذكرة التفاهم تاريخ ٩ أيلول ٢٠٠٣ المشار إليها آنفاً، والتي شدّدت المادة الأولى منها أنه لا يجوز لأي شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية أن يتقدم بطلب لجوء لدى مكتب المفوضية بعد انقضاء شهرين على دخوله إلى لبنان، وبالتالي وجوب إعادة هؤلاء إلى موطنهم الأصلي، بالإضافة إلى تأكيدها أنّ لبنان لم ينضم إلى اتفاقية جنيف لعام ١٩٥١، والتشديد على أن لبنان غير مهيأ ليكون بلد لجوء بالنظر لاعتبارات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية، بالإضافة إلى وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أرضه.

نُهيب بسفراء «الخماسية» وكافة المعنيّين سرعة التحرّك في هذا الملف الشائك لأنّ كلّ تأخير أو تسويف سيؤدّي حكماً إلى تأجيج مشاعر الغضب والكراهيّة تجاه اللاجئين ويؤدّي إلى ما لا يُحمد عقباه.