لن تقوم الحكومة بالتواصل مع النظام السوري، طبقاً لما يريده حلفاؤه في لبنان، حتى لو حصلت تسوية سورية للأزمة فإن سلطته على لبنان يفترض أن تكون في أدنى درجاتها لأن السلطة ستتوزع على كافة الأفرقاء هناك، ولن يكون الأمر كما كانت سلطة النظام سابقاً على مدى ثلاثين عاماً أثناء الأحداث اللبنانية والسنوات التي تلت ذلك، إلى حين إنسحاب القوات السورية من لبنان ونشأة ثورة الأرز، وبالتالي إن الذين يحلمون بعودة «أيام زمان» سيظلون غارقين في «وهم» أبدي.
وتقول أوساط ديبلوماسية، أن الضغوط التي تتعرض لها الحكومة للحديث مع النظام السوري، تأتي في إطار سعي النظام لفك عزلته، وذلك إنطلاقاً من لبنان. دول العالم لم تأخذ بعد قراراً بالحوار والتواصل مع النظام، أو حتى المساهمة المالية في إعادة اعمار سوريا، إلا عندما يتم التوصل إلى حل سياسي. لكن ما هو غير واضح حالياً، ما إذا كان رئيس النظام يرضى بحل سياسي، لا سيما وأن المجتمع الدولي في هذه المرحلة قد يقبل بالتوصل إلى حل سياسي غير متوازن لصالح المعارضة في سوريا، بل بالحد الأدنى المقبول. وبالتالي، فإن السؤال: «هل يلعب النظام اللعبة ويدخل مبدئياً في التفاوض حول الحل السياسي لكي تحصل إعادة إنفتاح عليه دولياً، وتسديد أموال له لعودة النازحين وللإعمار؟ أو يبقى في سياسة غير المهتم للمجتمع الدولي، وما يظهر حتى الآن هو عدم الإهتمام، للدخول في حل سياسي جدي؟.
والمناطق الآمنة في سوريا ليست أكثر من تجميد للوضع، وهي ليست حلاً سياسياً. وهي عملياً قسمت سوريا إلى مناطق نفوذ للأردن وتركيا وروسيا. وهي لم تحل الأزمة لذلك لن يكون هذا الوضع سبباً لعودة الإنفتاح الدولي على النظام.
وبالتالي، إيران والنظام يعتقدان، أو «يتوهمان» أن أول بلد صاحب «الحلقة الأضعف» ومن السهل الضغط عليه لعودة علاقات طبيعية مع النظام هو لبنان، لأن الدول الباقية لا يمكنهما الضغط عليها. وبرأيهما الضغط «أسهل» على لبنان نظراً لأن فيه أطرافاً داخلية تتولى المطالبة بفتح علاقات مع النظام، إذ أن الأردن وتركيا لن يقبلا بترتيب العلاقة مع النظام بأي شكل من الأشكال.
طبعاً، إن أي تواصل لبناني رسمي مع النظام سيزعج الخليج، مع الإشارة إلى أن ما قام به وزراء في الحكومة من لقاءات مع نظرائهم أزعج هذه الدول الخليجية، وإن كان الأميركيون والأوروبيون حالياً لا يبدون أي تشدد في أي علاقة مع النظام، لا سيما وأن سياستهم الخارجية تجاهه لم تتبلور بعد، بحسب مصادر ديبلوماسية. إنها مشكلة تكاد تفجر الوضع الداخلي، مع أن الوضع في سوريا لم ينتهِ عند هذا الحد، وأن جولات عنف جديدة متوقعة، ومن المبكر منذ الآن الحديث عن إنتهاء الحرب، وضرورة إعادة تموضع كل الأفرقاء في الدول، وكذلك الدول أيضاً حيال النظام.
ومن الواضح أن حلفاء سوريا في لبنان يندفعون جداً في إتجاه تعزيز دورها في الداخل اللبناني، ومنهم من ينطلق في ذلك من جهة البحث مع النظام في عودة النازحين. والجميع يدرك كيفية معالجة هذه المسألة، وأن معالجتها عبر الكلام مع النظام غير واقعية، إنما يتمسك هؤلاء بهذا التوجه، لإعطاء مشروعية للعلاقة مع النظام، خصوصاً وأن جميع اللبنانيين يريدون التخلص من عبء النازحين السوريين، في أسرع وقت ممكن.
وتشير المصادر، إلى أن حلفاء النظام يعتبرون أنه قطع مرحلة الخطر على وجوده، لذلك يبدأون تدريجياً بفك الحصار الخارجي عنه والعزلة الديبلوماسية والسياسية والإقتصادية، ولبنان هو البوابة.
وتكشف المصادر، أن روسيا تعمل بشكل دؤوب للوصول إلى تحرير النظام من عزلته. وهي تجري ضغوطاً على جامعة الدول العربية في هذا الإطار، وكذلك ضغوطاً على الأوروبيين لكي يموّلوا حالياً إعادة اعمار سوريا قبل التوصل إلى حل سياسي. كما أنها تحركت على هامش إنعقاد الدورة ٧٢ العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة مع كل الدول لكي تمول إعادة الإعمار في هذا التوقيت وقبل التوصل إلى حل سياسي النهائي.